الرخصة لغة: السهولة واللين والمسامحة، واصطلاحًا: الحكم المتغير من حيث تعلقه بالمكلف، من صعوبة إلى سهولة لعذر مع قيام سبب الحكم الأصلي، كما إذا تغير من حرمة الفعل أو الترك إلى الحل. فخرج بالتغيير: ما كان باقيًا على حكمه الأصلي، كالصلوات الخمس، وبالسهولة: نحو الحدود والتعازير مع تكريم الآدمي المقتضي للمنع من ذلك وحرمة الاصطياد بالإحرام بعد إباحته قبله، وبالعذر: ما تغير إلى سهولة لا لعذر، كحل ترك تجديد الوضوء بعد حرمته، وبقيام السبب للحكم الأصلي: النسخ، كإباحة ترك ثبات الواحد من المسلمين لعشرة من الكفار في القتال بعد حرمته، وسببها قلة المسلمين في صدر الإسلام وقد زالت لكثرتهم بعد ذلك، وعذرها مشقة الثبات المذكور، وقلنا من حيث تعلقه، لأن تغير الحكم محال إذ هو كلام الله تعالى النفسي، القديم، ولابد أن يرد الدليل بتعلق الخطاب تلعقا ذا سهولة بالنسبة إلى ما كان له من التعلق، احترازًا عما إذا لم يرد دليل لكم سقط التعلق لسقوط محله، كما في العضو المقطوع يسقط غسله لسقوطه لكن لا يسمى رخصة. قاله ابن أبي شريف.
واختلف هل التيمم عزيمة؟ أو عزيمة في حق العادم للماء، ورخصة في حق العاجز عن استعماله. قال الحطاب في شرح المختصر خليل: والحق أنه رخصة ينتهي في بعض الصور للوجوب، كمن لم يجد الماء، أو خاف الهلاك باستعماله أو شديد الأذى. فإن تغير إلى مماثل في السهولة أو الصعوبة كأن تغير من وجوب فعل إلى وجوب فعل مماثل للفعل الأول في قدر مشقته فالذي يظهر كما في الآيات البينات أن مثل ذلك من العزيمة فالحكم منحصر في الرخصة والعزيمة كما هو ظاهر كلامهم.
وقال اللقاني: والحق أن الفعل لا يتصف بالعزيمة ما لم يقع في مقابلة الرخصة. قال في الآيات البينات فليتأمل المراد بالوقوع في مقابلة الرخصة وهل يطرد في أمثالهم؟
وتنبيه: الرخصة بضم الراء مع ضم الخاء وإسكانها قال الزركشي ويقال: خرصة بتقديم الخاء، قال: والظاهر أنها مقلوبة من الأولى
1 / 56