Нашат Хукук Инсан
نشأة حقوق الإنسان: لمحة تاريخية
Жанры
غير أن الحقوق لم تكن تمنحها الهيئة التشريعية فحسب؛ فقد حفزت النقاشات حول الحقوق مجتمعات الأقليات للتعبير عن نفسها والمطالبة بتقدير متساو. لقد تمتع البروتستانت بفرصة أعظم للتعبير؛ نظرا لأنهم كانوا يستطيعون التحدث من خلال نوابهم المنتخبين بالفعل في الجمعية الوطنية. إلا أن اليهود الباريسيين، الذين لم يكن لهم وضع مشترك وبلغ إجمالي عددهم بضع مئات فحسب، قدموا أول عريضة لهم إلى الجمعية الوطنية في أوائل أغسطس عام 1789، كانوا يطلبون من النواب بالفعل أن «يعترفوا بحقوقنا كمواطنين». وبعدها بأسبوع، نشر ممثلون من مجتمع أكبر بكثير من اليهود في ألزاس ولورين خطابا مفتوحا يطالبون فيه بالمواطنة أيضا. عندما اعترف النواب بحقوق يهود جنوب فرنسا في يناير 1790، اتحد يهود باريس وألزاس ولورين معا لتقديم عريضة مشتركة، ولما كان بعض النواب يتساءلون هل يريد اليهود فعلا الحصول على الجنسية الفرنسية، أوضح مقدمو العريضة موقفهم وضوح الشمس: «هم يطالبون بإلغاء الفروق المهينة التي يعانون منها حتى يومنا هذا وبإعلانهم «مواطنين».» وقد عرف مقدمو العريضة الوتر الحساس الذي ينقرون عليه بالضبط؛ فبعد استعراض طويل لكل الإجحاف والظلم المستمر منذ عهود طويلة، ختموا عريضتهم بتوسل للحتمية التاريخية: «كل شيء يتغير؛ ولا مفر من أن يتغير قدر اليهود مع هذا التغير؛ ولن تزيد دهشة الناس لرؤية هذا التغيير تحديدا وسط كل هذه التغيرات الحادثة من حولهم كل يوم ... لنربط التحسن في قدر اليهود بالثورة، أي أن ندمج، إذا جاز التعبير، هذه الثورة الجزئية في الثورة العمومية.» وأرخ مقدمو العريضة كتيبهم بنفس تاريخ اليوم الذي صوتت فيه الجمعية على منح الاستثناء ليهود جنوب فرنسا.
14
في غضون عامين، كانت الأقليات الدينية قد نالت حقوقا متساوية في فرنسا. بالطبع لم ينته التمييز والظلم، لا سيما فيما يخص اليهود. ومع ذلك يمكن قياس عظمة مثل هذا التغيير الذي حدث خلال فترة وجيزة من الزمن بإجراء مقارنة بسيطة؛ ففي بريطانيا العظمى، حصل الكاثوليك للمرة الأولى على حق الالتحاق بالقوات المسلحة، والجامعات، والقضاء في عام 1793، فيما اضطر اليهود البريطانيون إلى الانتظار حتى عام 1845 لنيل نفس الحقوق؛ وأمكن انتخاب الكاثوليك في البرلمان البريطاني بعد عام 1829، واليهود بعد عام 1858. وكان الوضع أفضل بعض الشيء في الولايات المتحدة؛ فلم يحظ السكان اليهود المحدودون في المستعمرات البريطانية بأمريكا الشمالية البالغ عددهم زهاء الألفين والخمسمائة فقط بأي مساواة سياسية. وبعد الاستقلال، استمرت معظم الولايات المتحدة الجديدة تقصر تولي المناصب (والتصويت في بعض الولايات) على البروتستانت. وكفل أول تعديل للدستور، الذي حرر في سبتمبر عام 1789 وصدق عليه في عام 1791، حرية الاعتقاد، وبعد ذلك الحين ألغت الولايات بالتدريج المعايير الدينية. وسارت العملية - كالعادة - على نفس المنوال الذي سارت عليه في بريطانيا: أن يحصل الكاثوليك أولا على كامل الحقوق السياسية ثم يتبعهم اليهود؛ فقد فتحت ولاية ماساتشوستس على سبيل المثال في عام 1780 باب تولي المناصب لأي شخص «ينتمي للديانة المسيحية»، في حين أنها لم تفتح هذا الباب لكل الأديان حتى عام 1833. وعقب مبادرة جيفرسون، تحركت ولاية فيرجينيا بخطى أسرع مانحة الحقوق المتساوية في عام 1785، ثم تبعتها ولايتا كارولينا الجنوبية وبنسلفانيا في عام 1790. أما ولاية رود آيلاند فلم تطبق هذا إلا في عام 1842.
15
السود الأحرار، والرق، والعرق
يمكن رؤية القوة الهائلة لمنطق الحقوق الثوري أكثر وضوحا في القرارات الفرنسية بشأن السود الأحرار والعبيد . ومرة أخرى ستكون المقارنة ذات مغزى هنا؛ فقد منحت فرنسا الحقوق السياسية المتساوية للسود الأحرار في عام 1792 وحررت العبيد في عام 1794، أي قبل أن تفعل ذلك أي أمة أخرى لديها عبيد بوقت طويل. ومع أن الدولة الجديدة في الولايات المتحدة بادرت بمنح الحقوق للأقليات الدينية قبل أن يفعل أبناء عمومتهم البريطانيون ذلك بوقت طويل، فإنها تلكأت للغاية عندما تعلق الأمر بالعبيد؛ فبعد سنوات من حملات العرائض التي تصدرها المؤيدون لجماعة الكويكرز من أجل إلغاء الرق، صوت البرلمان البريطاني على التوقف عن المشاركة في تجارة الرقيق في عام 1807، وقرر عام 1833 إلغاء تجارة الرقيق في المستعمرات البريطانية. وكان الوضع في الولايات المتحدة أكثر سوءا؛ لأن مؤتمر كتابة الدستور الذي انعقد عام 1787 لم يمنح الحكومة الفيدرالية حق التحكم في مسألة الرق. ومع أن الكونجرس صوت أيضا على منع استيراد الرقيق في عام 1807، فإن الولايات المتحدة لم تلغ الرق رسميا حتى عام 1865، عندما جرى التصديق على التعديل الثالث عشر في الدستور. زد على ذلك أن وضع السود الأحرار تردى بالفعل في العديد من الولايات بعد عام 1776، بالغا الحضيض في قضية دريد سكوت المشينة عام 1857 عندما أعلنت المحكمة العليا للولايات المتحدة أنه لا العبيد ولا السود الأحرار يعدون مواطنين. ولم ينقلب وضع دريد سكوت إلا في عام 1868 عندما صدق على التعديل الرابع عشر في دستور الولايات المتحدة، الذي كفل أن «جميع الأشخاص الذين ولدوا في الولايات المتحدة أو حصلوا على الجنسية فيها ويخضعون لسلطتها، هم مواطنون في الولايات المتحدة وفي الولاية التي يقيمون فيها».
16
اقتدى مؤيدو إلغاء الرق في فرنسا بالإنجليز عن طريق تكوين جمعية شقيقة في عام 1788 على غرار «الجمعية البريطانية لإلغاء تجارة الرقيق». ولما كانت «جمعية أصدقاء السود» تفتقر إلى الدعم الكبير من الجمهور، فقد كان من المحتمل أن تتعثر وتخفق لولا أحداث عام 1789 التي وضعتها في بؤرة الضوء. لم يكن تجاهل آراء «جمعية أصدقاء السود» ممكنا؛ إذ كان من ضمن أعضائها البارزين بريسوت، وكوندرسيه، ولافاييت، والقس بابتيست هنري جريجوار، وجميعهم من مؤيدي حملات حقوق الإنسان المعروفين في ميادين أخرى. كان جريجوار، وهو كاهن كاثوليكي من لورين، قد نادى حتى قبل عام 1789 بتخفيف القيود المفروضة على اليهود في شرق فرنسا، وفي عام 1789 نشر كتيبا يؤيد فيه منح الحقوق المتساوية للرجال الأحرار من الملونين. ولفت جريجوار الأنظار إلى العنصرية المتفشية في مستعمرات البيض قائلا: «أعلن البيض - مدعومين بالقوة إلى جانبهم - على نحو جائر أن البشرة الداكنة تقصي المرء عن الاستفادة من مزايا المجتمع.»
17
غير أن منح الحقوق للأحرار من السود والمولودين لوالد أبيض وآخر أسود، وإلغاء الرق، أمران لا يتحققان بواسطة الهتاف والتهليل فحسب؛ ففي الجمعية الوطنية الجديدة كان عدد أولئك الذين خشوا المساس بنظام الرق والثروات الطائلة التي يجلبها على فرنسا يفوق جدا عدد المؤيدين لإلغاء الرق. نجح المزارعون والتجار البيض في مدن الموانئ المطلة على الأطلنطي في تصوير «أصدقاء السود» على أنهم متحمسون عاقدون العزم على تهييج العبيد وتحريضهم على التمرد. وفي الثامن من مارس عام 1790، صوت النواب على إقصاء المستعمرات من الدستور، ومن ثم إقصاؤها من «إعلان حقوق الإنسان والمواطن». أوضح المتحدث الرسمي باسم اللجنة الاستعمارية أنطوان بارنيف أن: «التطبيق الصارم والشامل للمبادئ العامة لا يمكن أن يكون ملائما [للمستعمرات] ... فاختلاف الأماكن، والعادات، والمناخ، والمنتجات يقتضي - كما يتراءى لنا - قوانين مختلفة أيضا.» وقد جرم المرسوم أيضا إثارة الاضطرابات في المستعمرات.
Неизвестная страница