Нашат Хукук Инсан
نشأة حقوق الإنسان: لمحة تاريخية
Жанры
1-2 ).
شكل 1-2: السيد بي يقرأ أحد خطابات باميلا لوالديها. (في أحد المشاهد الافتتاحية للرواية، يفاجئ السيد بي باميلا ويأمرها بأن تريه الخطاب الذي تكتبه. تمثل الكتابة طريقتها في التعبير عن استقلالها الذاتي. لم يستطع الفنانون والناشرون مقاومة إضافة تفاسير تصويرية للمشاهد الرئيسية. ظهرت هذه الصورة التي رسمها الفنان الهولندي جان بونت في ترجمة فرنسية مبكرة نشرت في أمستردام .)
ومع أن المشهد يحظى بالعديد من الخصائص المسرحية، وأعد خاصة أثناء الكتابة لتظهر فيه والدة باميلا، فهو يختلف أيضا عن الأداء المسرحي؛ لأن باميلا تسهب في الكتابة عن مشاعرها الداخلية. وبعد وقت طويل ستسطر صفحات عن تفكيرها في الانتحار عندما تبوء بالفشل خططها للهرب. وعلى النقيض، ما كانت المسرحية لتسير على هذا المنوال البطيء في الإفصاح عن الذات الداخلية، وهو أمر يستدل عليه عادة من الأحداث أو من خلال الحديث. فالرواية المدونة في عدة مئات من الصفحات يمكنها أن تظهر جوانب الشخصية بمرور الوقت، علاوة على أنها تفعل ذلك من منظور الذات الداخلية. والقارئ لا يتابع أفعال باميلا وحسب، بل أيضا يشاطرها تطور شخصيتها وهي تكتب، ويصبح القارئ في نفس الوقت هو نفسه باميلا، حتى حينما يتخيل نفسه صديقا لها ومراقبا خارجيا للأحداث.
وما إن عرف أن مؤلف رواية باميلا هو ريتشاردسون في عام 1741 (إذ نشرت الرواية في أول الأمر من دون اسم)، حتى بدأ ريتشاردسون يتلقى الخطابات، لا سيما من المتحمسين. قال عنها صديقه آرون هيل: «روح الدين، وحسن التربية، وحصافة الرأي، ودماثة الخلق، والفطنة، والذوق الرفيع، والفكر الراقي، والفضيلة.» وكان ريتشاردسون قد أرسل نسخة من الرواية إلى بنات آرون هيل في أوائل ديسمبر عام 1740، فسطر هيل على الفور ردا فوريا متعجلا قال فيه: «منذ أن تسلمتها وأنا لا أفعل شيئا سوى أن أقرأها على مسامع الآخرين، وأسمع الآخرين يتلونها على مسامعي؛ أظن أنني من المرجح ألا أفعل أي شيء آخر بخلاف هذا، والله وحده يعلم إلى متى سيستمر هذا الأمر ... إنها تستحوذ على خيالي طوال الليل، كل صفحة فيها تحمل سحرا؛ سحر العاطفة والمعنى.» عرض الكتاب قراءه لنوع من السحر؛ فطريقة سرد الرواية - بأسلوب تبادل الخطابات - تجرد القارئ من نفسه على نحو غير متوقع وتدخله في مجموعة جديدة من التجارب.
9
ولم يكن هذا شأن هيل وبناته وحدهم، فسرعان ما اجتاح إنجلترا ولع شديد برواية «باميلا»، وقد قيل إنه في إحدى القرى قرع السكان أجراس الكنيسة لدى سماعهم إشاعة بأن السيد بي قد تزوج من باميلا في نهاية المطاف. وظهرت الطبعة الثانية في يناير 1741 (نشرت الطبعة الأصلية في السادس من نوفمبر 1740)، ثم توالت الطبعات فظهرت الطبعة الثالثة في مارس، والرابعة في مايو، والخامسة في سبتمبر. وبحلول ذلك الوقت، كان آخرون قد كتبوا بالفعل آثارا مقلدة هزلية، ومقالات نقدية مطولة، وقصائد شعرية، ونسخ رخيصة التكلفة مقلدة عن النسخة الأصلية. وبمرور السنين توالى ظهور العديد من المعالجات المسرحية للرواية، والرسومات والصور المطبوعة للمشاهد الرئيسية. وفي عام 1744 انضمت الترجمة الفرنسية إلى القائمة البابوية «للكتب المحظورة»، ولحق بها فيما بعد رواية روسو «جولي»، بالإضافة إلى العديد من الأعمال الأدبية لعصر التنوير. ولم ير جميع الناس في مثل هذه الروايات «روح الدين»، أو «الفضيلة» التي ادعى هيل أنه رآها.
10
وعندما بدأ ريتشاردسون في نشر رواية «كلاريسا» في ديسمبر 1747 ارتفعت التوقعات بشدة؛ ففي الوقت الذي ظهرت فيه المجلدات الأخيرة (بلغت مجلدات الرواية في مجملها سبعة مجلدات، يتراوح كل منها بين ثلاثمائة إلى أربعمائة صفحة!) في ديسمبر عام 1748 كان ريتشاردسون قد تلقى بالفعل خطابات القراء الذين يتوسلون إليه أن يضع نهاية سعيدة للرواية. تهرب كلاريسا مع لافلاس الماجن كي تتخلص من خاطبها الكريه الذي اقترحته عائلتها ليتزوج منها، وعندئذ تضطر كلاريسا أن تدرأ اعتداءات لافلاس، الذي يتمكن في آخر الأمر من اغتصابها بعد تخديرها. وعلى الرغم من عرض لافلاس التائب بالزواج منها، والمشاعر التي تكنها له، تموت كلاريسا مكسورة الفؤاد جراء اعتداء الرجل الماجن على عفتها وإحساسها بذاتها. تحكي الليدي دوروثي برادشاي لريتشاردسون رد فعلها لدى قراءتها مشهد الموت فتقول: «انقبض صدري على نحو غريب، واضطرب نومي، واستيقظت تلك الليلة منفجرة في فورة من البكاء، وبكيت أيضا على الإفطار في الصباح التالي، وها أنا ذا أبكي الآن أيضا مرة أخرى.» وكتب الشاعر توماس إدواردز في يناير عام 1749 يقول: «ما شعرت في حياتي كلها بكل هذا البؤس الذي شعرت به من أجل هذه الفتاة الغالية.» التي أشار إليها قبلا باسم «كلاريسا المقدسة».
11
راقت رواية كلاريسا للقراء المثقفين أكثر من عامة الناس، ومع ذلك فقد ظهر منها خمس طبعات على مدار الثلاثة عشر عاما التالية، وسرعان ما ترجمت إلى الفرنسية (1751)، والألمانية (1752)، والهولندية (1755). وأظهرت دراسة للمكتبات الشخصية الفرنسية في الفترة بين 1740 و1760 أن روايتي «باميلا» و«كلاريسا» قد احتلتا مرتبتين في قائمة الروايات الإنجليزية الثلاث التي يرجح بشدة وجودها ضمن محتويات تلك المكتبات (كانت رواية توم جونز للمؤلف هنري فيلدينج هي ثالثتهما). ولا شك أن طول رواية «كلاريسا» قد ثبط عزيمة بعض القراء؛ فحتى قبل أن تدخل مخطوطات المجلدات الثلاثين مرحلة الطباعة، استبد القلق بريتشاردسون وحاول أن يختصرها. قدمت إحدى الرسائل الإخبارية الأدبية التي تصدر في باريس رأيا متضاربا عن الترجمة الفرنسية للرواية، قالت فيه: «لدى قراءتي لهذه الرواية شعرت بشيء غير عادي بالمرة؛ أبلغ سرور، وأعظم ملل.» غير أنه بعد مرور عامين أعلن مشارك آخر في نفس الرسالة الإخبارية أن عبقرية ريتشاردسون في تقديم العديد من الشخصيات المتفردة جعل من كلاريسا «أروع عمل خطته يد إنسان تقريبا».
Неизвестная страница