إن حياتنا الشرقية في حاجة إلى أنواع جديدة من الأدبيات، ولعل ألزمها هو الإنشاء الزاهر المطرب، الذي إذا قرأناه فاضت علينا موجة من روح الكاتب الطربة فبردت نار الحزن الكثيف اللاهبة دواما في حنايا ضلوعنا.
وإذا جاز لي في هذه الرسالة أن أصف سركيس
1
قلت: إنه هو نفسه موجة سرور كبرى، وحياته كلها طرب وإطراب، وضحك وإضحاك.
إنه ابتكر لنفسه طريقة في الإنشاء لم يأتها قبله كاتب سوري أو لبناني، وتوفق إلى بدائعها، وقراؤه مدينون له بساعات طويلة تنفلت فيها أعصابهم من سلطة الطوق الحديدي، وتغتسل في موجة زهو يطلقها عليهم «سركيس الضاحك».
وبعد أن يشبعهم طربا وسرورا وضحكا ينفخ فيهم نسمة من نسمات التجدد مؤديا رسالته دون أن يدري.
حياتنا الاقتصادية
1
يحكم عالمنا الاجتماعي على المرأة بعدم التعرض لما لا يعنيها، والاقتصار على ما يعنيها، وهو يحكم حكمه هذا بداهة دون ترو ولا إمعان، فإذا سألنا بعضهم أن يحدد لنا هذا «الذي يعني والذي لا يعني» لما قدروا أن يحصروا نظريتهم ضمن نظام شامل عام. والحقيقة هي أن مداخلة المرأة في أمور المجتمع أمر لا يمكن تحديده، فهو نسبي على الإطلاق.
حتم المجتمع على نساء المزارع أن يفلحن الأرض ويزرعنها ويحصدنها، وأن يقطعن الخشب وينشرنه ويحملنه من الجبال البعيدة إلى المدن والقرى، وأن يسقن قطعان الماشية إلى مسافة بعيدة لورود الماء والمرعى، ولم يقل العالم الاجتماعي في هذه الأحوال: إن بشرة النساء الطريئة لا تحتمل أشعة الشمس، وأن أيديهن الناعمة لا تقوى على رفع الفأس.
Неизвестная страница