وقالوا: إننا أمة غير رصينة، وأن همنا في الحياة هو الركض وراء الملذات، وتراكضت الأمم إلى عاصمتنا لتذوق الملذات.
أيها المبغضون الظالمون! كيف يمكنكم وأنتم ثملون أن تعرفوا ماذا يجري ضمن عائلتنا التي تعرف أن تسكن بعيدة عن الضوضاء.
إن تلك العائلة كانت تختمر - بينما أنتم تسكرون - بالعاطفة العلوية، فلما دقت الساعة وعلا النداء نهضنا كشخص واحد ولبينا ذلك النداء كما لو كان وحيا سماويا. •••
أرجع بكم إلى شهر آب سنة 1914 حين بوق بالبوق وقرعت الأجراس في قباب الكنائس التي بنيت أساساتها فوق المدافن، فكانت أصواتها ترن عميقة هائلة كأنها أصوات الملايين من الأموات وقد قاموا من مراقدهم ينادون الرجال، ويندبون حظ النساء.
واحتشدت الجموع في المحطات من أطفال ونسوة وشيوخ حول الراحلين الذين كانوا يصرون بأسنانهم قائلين: «لقد أرادوها فهيا بنا.»
لا يمكن لي أن أصف كل المشاهد المؤثرة، ولكنني سأسير بكم إلى مدرسة سان سير الحربية، فتقفون هنيهة بين الشبان الصغار وترون عاطفة أمة بأسرها تختلج في صدور فتيانها.
تحتفل هذه المدرسة كل سنة بعيد الحرية في شهر تموز، وبمناسبة العيد تقيم إدارة المدرسة حفلة وداعية للضباط المنتهين، الذين بعد انتهاء الحفلة يأخذون تحت رعايتهم الصف الذي يليهم في الدروس، ويعمدونه باسم يتفق عليه الجميع.
ففي ليلة 14 تموز؛ أي في أسبوع المفاوضات التي سبقت في الحرب الكبرى، أبلغ مدير المدرسة الضباط المنتهين، وكان اسمهم «مونميراي» أن الحفلة السنوية ستكون بسيطة، وأن عليهم أن يعمدوا رفاقهم بدون أبهة خلافا للعادة.
فاجتمع الكل ليلا في باحة المدرسة، وفي وسط سكوت عميق عمدت فرقة «مونميراي» الضباط الفتيان باسم صليب الراية، ثم لفظ بعض الضباط الخطب الحماسية، منهم ضابط اسمه غاستون فوازار وقف وقال:
أقسموا أيها الرفاق أنكم لا تذهبون إلى النار إلا بثياب العيد، بالقفاز الأبيض والريش الأبيض في القبعات.
Неизвестная страница