فلما قبض الله داود ورث سليمان ملكه وميراثه وجلس في مقعد أبيه فقال: ما ورثني داود مالًا أحب إلي من هذه الخيل. وضمرها وصنعها. وقال بعض أهل العلم: إن الله تعالى أخرج له مائة فرس من البحر لها أجنحة. وكان يقال لتلك الخيل: الخير. فكان يراهن بينها ويجريها. ولم يكن شيء أعجب إليه منها. ويقال: إن سليمان دعا بها ذات يوم فقال: اعرضوها علي؛ حتى أعرفها بشياتها وأسمائها وأنسابها. قال: فأخذ في عرضها حين صلى الظهر، فمر به وقت العصر، وهو يعرضها، وليس فيها إلا سابق رائع، فشغلته عن الصلاة حتى غابت الشمس وتوارت بالحجاب. ثم انتبه فذكر الصلاة واستغفر الله، وقال: لا خير في مال يشغل عن الصلاة وعن ذكر الله، ردوها. وقد عرض منها تسع مائة، وبقيت مائة. فرد عليه التسع مائة فطفق يضرب سوقها، أسفا على ما فاته من وقت صلاة العصر، وبقيت مائة فرس لم تكن عرضت عليه، فقال: هذه المائة أحب إلي من التسع مائة التي فتنتني عن ذكر ربي. فقال الله " ووهبنا لداود سليمان نعم العبد إنه أواب " إلى آخر الآية.
فلم يزل سليمان معجبًا بها حتى قبضه الله إليه.
وحدث الكلبي محمد بن السائب عن أبي صالح عن ابن عباس قال: إن أول ما انتشر في العرب من تلك الخيل، أن قومًا من الأزد من أهل عمان قدموا على سليمان بن داود بعد تزويجه بلقيس ملكة سبأ فسألوه عما يحتاجون إليه من أمر دينهم ودنياهم حتى قضوا من ذلك ما أرادوا، وهموا بالانصراف، فقالوا: يا نبي الله إن بلدنا شاسع وقد أنفضنا من الزاد. مر لنا بزاد يبلغنا إلى
1 / 27