От переноса к творчеству (Том второй трансформация)
من النقل إلى الإبداع (المجلد الثاني التحول): (١)
Жанры
ثم يتم الفحص في العلم الإنساني والغرض الذي من أجله كون الإنسان وهو الكمال الذي يبلغه، ووسائل تحقيقه. وهي الميزات والفضائل والحسنات وما يبعد عنه مثل الشرور والنقائص والسيئات. وهذا هو العلم المدني الذي ينال به أهل المدن السعادة بمقدار فطرة كل فرد. فاجتماع المدنيين مثل اجتماع الأجسام، ولا فرق بين اجتماع المدن والأمم واجتماع العالم. وكما أن في العالم مبدأ واحدا ثم مبادئ أخرى تتلوه على الترتيب وموجودات من تلك المبادئ متراتبة أخرى من أعلى إلى أسفل، فكذلك الترتيب في الأمة أو المدينة، مبدأ أول تلوه مبادئ آخر. مدني أول يتلوه مدنيون آخرون. ويماثل آخر المبادئ النظرية آخر المدنيين في المدينة والإنسانية. كما يتقابل نظام الموجودات في العالم مع نظيره نظام المدنيين في المدينة أو الأمة. هذا هو الكمال النظري ويتضمن علم الأجناس الأربعة التي يتم بها تحصيل السعادة القصوى لأهل المدن والأمم ولنظام العالم. فهو علم واحد في الحقيقة العلم النظري وعلم الموجودات والعلم المدني، لا فرق بين العقل والطبيعة والمجتمع.
لقد أعطت العلوم النظرية هذه الأشياء موجودة بالفعل، لا فرق بين العقل والوجود، بين عالم الأذهان وعالم الأعيان، فإذا حدث عدم تقابل بين الاثنين نشأت الحاجة إلى علم آخر غير العلم النظري. فالأشياء المعقولة من حيث هي كذلك خالصة عن الأحوال والأعراض وموجودة خارج النفس، واحدة بالعدد، لا تتبدل ولا تتغير في حين أن الواحدة بالنوع تتبدل وتحتاج إلى الأحوال والأعراض إذا كانت خارج النفس كما هو الحال في المعقولات الطبيعية الواحدة بالنوع وفي المعقولات الإرادية. كل ما يوجد بالإرادة لا يمكن أن يوجد أو يعلم إلا بالأعراض والأحوال المقترنة بها. وهي توجد واحدة بالعدد بل بالنوع أو الجنس. لذلك تتبدل عليها، تزداد وتنقص وتتركب طبقا لقوانين على مدة طويلة تتبدل وتتغير أيضا. وما لا تخضع لقانون فإنها تتبدل على نحو دائم في مدة قصيرة وعلى حسب ما يريد الفاعل. وربما لا يحصل منه شيء أصلا بسبب المتضادات العاشقة له، منها ما هو طبيعي ومنها ما هو إرادي عن إرادات آخرين وليس فقط طبقا لاختلاف الأزمنة والأمكنة مثل الأشياء الطبيعية، وهكذا الإنسان. فإنه في عالم الأعيان، ويتبدل طبقا للزمان والمكان في الأحوال والأعراض. والمعقول من ذلك كله معقول واحد. وكذلك الأشياء الإرادية مثل العفة واليسار لها معان معقولة إرادية تختلف باختلاف الزمان والمكان والأمم ساعة بساعة أو يوما بيوم أو شهرا بشهر أو سنة بسنة أو حقبة بحقبة أو أحقابا بأحقاب. فالتغير له إيقاع سريع وإيقاع بطيء تتطلب معرفة الأعراض والأحوال المتبدلة في عالم الأعيان المدة المعلومة قصيرة كانت أم طويلة. والمكان المحدد من المعمورة صغيرا كان أم كبيرا يشترك فيها إنسان واحد أو طائفة في مدينة أو مدينة أو أمة أو المعمورة كلها.
والفضيلة الفكرية المدنية يستنبط منها ما هو أنفع في غاية فاضلة مشتركة لأمم أو أمة أو مدينة منها. ما يبقى مدة طويلة ومنها ما يبقى مدة قصيرة. وما يستنبط لكل الأمم مدة طويلة هو الأقدر على وضع النواميس. وما يستنبط في مدة قصيرة هي أصناف التدبيرات الجزئية الزمنية عند الأمم أو الأمة أو المدينة. وما دون ذلك لطائفة في مدينة أو منزل في طائفة فإنها تكون فضيلة منزلية أو جهادية في مدة قصيرة أو طويلة. وقد تنقسم الفضيلة إلى أجزاء صغار، صناعة أو عرض حادث أو حرفة أو غاية خاصة أو لغيره فتكون مشورية. قد تجتمع في إنسان واحد وقد تفترق وكلما كانت هذه الفضائل الفكرية أكمل رياسة وأعظم قوة كانت الفضائل الخلقية المقترنة بها أشد رياسة وأعظم قوة كذلك.
والفضائل الخلقية ثالثا تقتصر على جزء المدينة إما في المجاهدة أي الحرب أو المال أي الاقتصاد أو في جزء آخر قبل أن تتحول إلى صناعات عملية الإنسان أو لمنزل مدة قصيرة أو طويلة. والفضيلة الكاملة هي أعظمها قوة أو مجموع الفضائل كلها عند الناس والمنازل والمدن والأمم جميعا وهي الفضيلة الرئيسية التي تتقدم على جميع الفضائل مثل فضيلة صاحب الجيش الذي تتوافر فيه القوة الفكرية التي يستنبط بها الأنفع والأجمل المشترك بين المجاهدين مثل الشجاعة والمشتركة بين مكتسبي الأموال، وكذلك تترتب الصناعات وفي مقدمتها الصناعة الرئيسية وهي أقواها. وتحت فضيلة قيادة الجيوش هناك فضائل وصناعات أخرى. كما أن دون فضيلة اكتساب الأموال هناك فضائل وصناعات خادمة لها، وما هو أنفع وأجمل وكذلك الغايات الفاضلة إما أن يكون في المشهور أو عند ملة أو في الحقيقة. ومن الواضح أن الفضيلة الرئيسية تكون تابعة للفضيلة النظرية للتمييز بين معقوليتها والأعراض المقترنة بها. كما أن الفضيلة الخلقية تكون تابعة للفضيلة الفكرية حتى يمكن استنباط الأدنى من الأعلى، والعملية من الخلقية، الخلقية من الفكرية، والفكرية من النظرية.
والفضائل إما بالطبع أو بالإرادة. والفضائل الطبيعية أشبه بالملكات في الحيوانات غير الناطقة؛ كالشجاعة في الأسد. وقد يكون الأمر كذلك في الإنسان إلا أنها عنده أيضا إرادية. فالإنسان يسلك بالطبيعة وبالإرادة في الفضائل الخلقية العظمى مثل الملوك والخدم، كلاهما ملك أو خادم بالطبيعة والإرادة، وكذلك فضائل المدن والأمم، ويتم تحصيلها بطريقتين، التعليم والتأديب. التعليم لإيجاد الفضائل الفكرية والنظرية والتأديب لإيجاد الفضائل الخلقية والصناعات العملية. التعليم بالقبول والتحصيل، والتأديب بترويض العزائم وعشق الفضائل.
والعلوم النظرية إما أن يعلمها الأئمة والملوك وأما من يحفظونها ويعلمونها لغيرهم ابتداء من المقدمات الأول والمعلوم الأول في كل جنس من العلوم النظرية، ثم أصناف أحوال المقدمات وترتيبها بعد تقوية نفوس الأحداث وترويضهم طبقا لطبائعهم الإنسانية، ثم استعمال الطرق المنطقية. ويتعلمون من الصبي كما قال أفلاطون مع سائر الآداب حتى يبلغ أشده، ثم يعين الملوك منهم ابتداء من الرياسات الجزئية ارتقاء إلى الرياسات الكلية.
32
ولا يقتصر التعليم على ما توجبه الآراء المشتركة أي العادات والأعراف. ويمكن تعلم الأشياء النظرية بالطرق الإقناعية وطريق التخيل، وهي الأمور التي لا يعقلها الإنسان إلا بعد أن يعقل الكثير، وهي المبادئ القصوى والمبادئ غير الجسمانية التي لا تفهم العامة إلا مثالاتها، وتمكن في نفوسهم بطريق الإقناعات، وما تتميز فيه أمة عن أمة، ومدينة عن مدينة، وطائفة عن طائفة إلى أن يحصلوا على الفضائل النظرية.
ثم تأتي الفضائل أو الصناعات العملية رابعا مرتبطة بالفضائل الخلقية ثالثا عن طريق التعلم والتدريب؛ إذ يتعود الناس عليها بطريقتين؛ إحداهما الأقاويل الإقناعية والانفعالية التي تمكن في النفس هذه الأفعال والملكات حتى تنهض العزائم طوعا نحو أفعالها وما تعطيه هذه الملكات من قدرة على الصنائع المنطقية. والثاني طريق الإكراه مع المتمردين العاصين من أهل المدن والأمم الذين لا ينهضون إلى الصواب طوعا أو بالأقاويل أو من تعاصى منهم عن العلوم النظرية والقادر على فضيلة الملك أو صناعة استعمال الفضائل الجزئية يكون قادرا على تأديب أهل الفضائل والصنائع في الأمم. وأهل المدن طائفتان، من يتأدب طوعا أو من يتأدب كرها. والملك مؤدب الأمم ومعلمها مثل رب المنزل ومعلم الصبيان والأحداث إما بالرفق والإقناع أو بالكره والجبر. الماهية واحدة في أصناف الناس، إنما التفاضل في القلة والكثرة وعظم القوة وصغرها على تأديب الأمم على تأديب الصبيان والأحداث وأهل المنازل، وقوة المقومين والمؤدبين وهم الملوك، وقوة ما يستعمل للتأديب من المهن طوعا أو كرها، والقوة على جودة التدبير في قود الجيوش واستعمال آلات الحرب والناس في مغالبة الأمم والمدن الذين لا ينقادون لأعمال السعادة التي بها كمال الإنسان حسب رتبته في الوجود.
ويحتاج الملك إلى العلوم النظرية المعقولة التي حصلت معرفتها ببراهين يقينية والتماس الطرق الإقناعية في كل منها أو التخييلية بالمثالات. وهي مشتركة بين جميع الأمم والمدن. كما يحتاج إلى إحصاء أفعال الفضائل والصنائع العملية الجزئية وطرقها الإقناعية؛ لأنها في العزائم والأقاويل الانفعالية والخلقية التي تخشع منها النفوس. وقد يستعملها الملوك المضادون والمشاكسون. فتحصل العلوم الثلاثة الأولى النظرية والفكرية والخلقية تنفيذا لغرض الرئيس الأول في الأمم والمدن.
Неизвестная страница