Критика книги о исламе и основах управления
نقض كتاب الإسلام وأصول الحكم
Жанры
فالخليفة كملك دستوري، ولكنه يعين باختيار أهل الحل والعقد، ويحمل على عاتقه تبعة ما تزل به السياسة من اهتضام حق أو إضاعة مصلحة.
وسنزيد البحث في شكل الخلافة بسطة حتى يعرف القارئ أن المؤلف لم يتفقه في كتب العلماء الذين ينظرون في الشريعة من وجهتها الاجتماعية والسياسية. •••
قال المؤلف في ص35: «الواقع المحسوس الذي يؤيده العقل ويشهد به التاريخ قديما وحديثا أن شعائر الله تعالى، ومظاهر دينه الكريم لا تتوقف على ذلك النوع من الحكومة الذي يسميه الفقهاء خلافة، ولا على أولئك الذين يلقبهم الناس خلفاء، والواقع أيضا أن صلاح المسلمين في دنياهم لا يتوقف على شيء من ذلك، فليس بنا من حاجة إلى تلك الخلافة لأمور ديننا ولا لأمور دنيانا، ولو شئنا لقلنا أكثر من ذلك، فإنما كانت الخلافة ولم تزل نكبة على الإسلام وعلى المسلمين، وينبوع شر وفساد.»
لا يرقب المؤلف في الحقائق الشرعية إلا ولا ذمة، يصورها بقلمه كيف يشاء، ثم يقع في عرضها بأشد من هجاء الحطيئة.
يصور الخلافة بعرش يجلس عليه مستبد غشوم، حواليه وحوش ضارية، ورماح مسنونة، وسيوف مصلتة، وهو إنما أعد هذه القوة المسلحة لسفك الدماء الطاهرة، والفتك بالنفوس البريئة، وليست الرعية تحت سلطته القاهرة إلا عبيدا يعتقدون أنه يستمد سلطانه من سلطان الله، ويسخرهم في شهواته كما تسخر الأنعام!
يخترع المؤلف هذه الصورة المكروهة ويجعلها النوع من الحكومة الذي يسميه الفقهاء خلافة، ثم يقول متبرئا منها: فليس بنا من حاجة إلى تلك الخلافة لأمور ديننا ولا لأمور دنيانا، وإنما كانت الخلافة ولم تزل نكبة، وينبوع شر وفساد!
الخلافة حقيقة شرعية، وأمر لا غنى للمسلمين عنه ما داموا يطمحون إلى عز مكين ، وحياة مستقلة، وقد تسنى فيما سلف أن تكون الشعوب الإسلامية كلها تحت راية واحدة كحالها لعهد الدولة الأموية، ثم انقسمت إلى دولتين مستقلتين أيام ذهب عبد الرحمن الداخل إلى الأندلس وأقام دولة أموية أخذت لقب الخلافة إزاء الخلافة العباسية بالمشرق، فكان لدولة الإسلام في العهد الأول ولدولتيه في العهد الثاني من القوة والسطوة ما قطع مطامع الدول القوية أن تبسط يدها علي قيد شبر من بلاد الشرق، ولما تقطعت أوصال الخلافة بالأندلس كما قال شاعرهم:
قام بكل بقعة مليك
وصاح فوق كل غصن ديك
اغتنم العدو ذلك التقاطع فرصة وأخذ ينقص البلاد من أطرافها حتى استنجد ملوك الطوائف بسلطان مراكش يوسف بن تاشفين، وباتفاقهم معه تحقق شيء من المعنى الذي يراد من الخلافة، فهاجم العدو ورده على عقبه خاسرا.
Неизвестная страница