Наполеон в Египте

Ахмед Хафиз Авад d. 1369 AH
133

Наполеон в Египте

نابوليون بونابارت في مصر

Жанры

Juno

مقيما في الأزبكية حيث يقطن الجزء الأكبر من الفرنساويين، وكان الجنرال «ديبوي» المكلف بإدارة قومندانية القاهرة «أي: حاكمها» في منزل إبراهيم بك الوالي المطل على بركة الفيل، فلما وصلت إلى هذا الأخير أخبار تجمهر القوم وهياجهم خرج من داره قاصدا خط الغورية يقابل الشيخ عبد الله الشرقاوي، كبير العلماء ورئيس الديوان، للاستفسار منه عن هذه الحركة الفجائية، فلم يجده في منزله، وربما كان في ذلك الوقت في الجامع الأزهر حيث احتشدت الخلائق وتكاثرت الجموع وكثر الصياح واللغط، وكان الجنرال ديبوى رجلا في سن الثامنة والثلاثين من عمره، نشأ جنديا في ارتوا

Artois

ورقي ببسالته وإقدامه في درجات الجندية حتى سار في رتبة الجنرال التي منحه إياها نابوليون في مصر في هذه السن الفتية، ونريد بهذا الوصف أن نقول إنه كان جنديا جسورا مجازفا فلذلك اندفع في وسط الجموع، وليس معه إلا شرذمة من الفرسان، وفصيلة من البيادة للتوجه إلى بيت القاضي، فمر من شارع الصنادقية، فوجد الزحام شديدا، قال الجبرتي: «فخاف وخرج من بين القصرين وباب الزهومة، وتلك الأخطاط بالخلائق مزحومة.» وروى نابوليون في تقريره المشار إليه أن أحد رجال الإنكشارية الذين عينوا في بوليس القاهرة لما رأى ازدحام الناس ووقوفهم في وجه الجنرال «ديبوي» أطلق طبنجته الكبيرة فكان ذلك سببا في إشعال نار الثورة، وخروج القوم عن حد الصواب، وغريب أن نابوليون لم يرض أن يذكر في تقريره أن الذي أطلق طبنجته، فكانت سببا في إلهاب نار الثورة، هو ذلك اللعين برطلمين الرومي صنيعتهم وسنأتي على طرف من سيرته، فلما رأى ذلك الجنرال ديبوي حمل على القوم المتجمعين بمن معه من الجنود واندفع هو شاهرا سيفه أمامه فرشقه واحد، لا يعرف من هو، بسهم أو نوع من أنواع الحراب فقطعت له شريانا وسقط قتيلا يتدرج في دمائه، وفي رواية المعلم نيقولا الترك: إن الذي قتل الجنرال ديبوي، رجل من الأتراك ضربه بخشبه على خاصرته في سوق النحاسين، ومما جاء في كتاب الحملة الفرنساوية

3

أن «مسيو بودوف كاف»، من تجار الفرنسيين في مصر، وأحد أعضاء الديوان ركب مع ديبوي في ركبته المشئومة، فلما أحس ديبوي بالسهم التفت لبودوف وقال له: «لقد قضي علي.»

جرى الدم في شوارع القاهرة بين الفريقين فكان فاتحة الحرب وخاتمة الدمار؛ إذ دار القتال بين الجنود والأهالي: قال الجبرتي: «فعند ذلك أخذ المسلمون حذرهم وأبرزوا ما كانوا أخفوه من السلاح، وآلات الحرب والكفاح، ومسكوا الأطراف الدائرة، بمعظم أخطاط القاهرة، كباب الفتوح وباب النصر والبرقية، إلى باب زويلة وباب الشعرية، وهدموا مساطب الحوانيت، وجعلوا أحجارها متاريس، ووقف دون كل متراس، جمع عظيم من الناس.» وبعبارة موجزة إن الأهالي تحصنوا في الدور والطرقات الضيقة وعلى أبواب المدينة التي ذكرها الجبرتي كأنهم في حصار وأي حصار!

فلما شاعت الأخبار أسرع الجنرال «جونو» فبعث رسولا لنابوليون فحضر نابوليون مسرعا بمن معه من جهة مصر العتيقة، فوقف القوم في طريقه، ولم يكن نابوليون مشهورا مثل «ديبوي» ولذلك رضي أن يقصد جهة بولاق ويدخل من جهة الأزبكية وفي الحال أصدر أوامره بالسرعة التي امتاز بها في أدوار حياته العسكرية، فعين الجنرال «بون» لقومندانية القاهرة بدلا من «ديبوي» وأخذ في إعداد المدافع في الجهات المناسبة ووجه بالجنود إلى أحياء المدينة المتطرفة فأطلقت البنادق على الأهالي بلا تمييز ولا تدقيق.

وكان في القاهرة، كما يوجد فيها الآن عدد وافر من المغاربة، وهم عادة من أجلاف القوم وأهل الشرور الذين يودون مثل هاتيك الظروف السيئة ليعبثوا في البلاد سلبا ونهبا، فأولئك القوم كانوا أول من تظاهر بالحمية القومية والغيرة الدينية ووقفوا، كما يقول الشيخ الجبرتي، عند جهة المناخلية، فقصدهم الفرنساويون وأجلوهم عن تلك البقعة فارتدوا عنها منذعرين وأنسابوا في المدينة مع من انضم إليهم من أسافل القوم، وامتدت أيديهم لنهب الدور وهتك النساء، والتعرض للنصارى واليهود بالأذى، ومن الغريب أن أولئك المغاربة قد كانوا أول من انضم إلى الفرنساويين بعد إخماد هذه الفتنة، واتخذوا منهم جنودا بعثوا بهم إلى المنوفية لمقاتلة أهلها وخصوصا آل شعير في كفر عشما، وسنذكر ذلك في حينه، قال الجبرتي عن أولئك المغاربة وأسافل العامة: «وسبوا النساء والبنات، ونهبوا خان الملايات، وما به من الأمتعة والموجودات، وأكثروا من المعائب، ولم يفكروا في العواقب.»

وبقي الحال على هذا المنوال حتى أقبل الليل وأرخى سدوله على المدينة، وكم كان في تلك الساعة من امرأة تندب حظها، وبنات يصرخن، وأمهات يولولن، وشيوخ عاجزين عن صد تيار الفتنة!! وانتهز نابوليون فرصة دخول الليل، قال في تقريره: «وفي منتصف الليل سار الجنرال دومرتين

Неизвестная страница