نص الكتاب
Страница 32
بسم الله الرحمن الرحيم [1ظ] الحمد لله على إقامة اللسان، كما أحمده على الهداية والإحسان. وأشهد أن لا إله إلا الله الملك الديان ؛ شهادة توافق فيها السر والإعلان، والقلب واللسان، وأرجوبها منة الغفران، وأستجير بها من عذاب النيران، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله المصطفى من عدنان، أرسله إلى جميع الإنس والجان، صلى الله عليه وعلى آله ما اختلف الملوان(1) وبعد:
فإنه قرأ علي جماعة من الإخوان كافية ابن الحاجب وكان الإلقاء حينئذ أكثره الشرح المسمى بالبرود الضافية والعقود الصافية لوالدنا وشيخنا العلامة الحبر الصمصامة طود العلم ومعدن التقى والحلم الجمالي، جمال الدين سليل الأئمة الهادين، أبي الحسن على بن محمد القاسم الهادوي(2)، شيد الله مجده، وجدد سعده، وهوأجل الشروح قدرا وأشهرها ذكرا، وكنت ألتقط لهم بعض فرائده المتناثرة، وأختصر لهم من فوائده المتكاثرة، فسألوني تسطير ذلك لأجل الاختصار، وتوسطه بين الإقلال والإكثار، فأجبتهم سائلا متضرعا إلى الملك الجليل، متوسلا متشفعا بالنبي والتنزيل أن يرزقنا العلم والعمل، ويجنبنا غر الخطأ والزلل، وسميته بالنجم الثاقب على كافية ابن الحاجب.
Страница 33
الكلمة والكلام قال الشيخ: (الكلمة لفظ.... إلى آخره)(1) وأغفل حد النحو، حذوا على ما فعل الزمخشري(2)، والحاجة إلى حده كالحاجة إلى حد الكلمة، بل هوأهم. واشتقاق النحو(3) من القصد، لأن النحويين القدماء قصدوا كلام العرب، المراعي لقياسات الإعراب، بقصد أن يتشابه كلامهم، وله حدان: لغوي واصطلاحي:
أما اللغوي: فهومشترك بين معان سبعة: بمعنى (مثل)، وبمعنى (عند)، وبمعنى (دون)، وبمعنى (القصد)، وبمعنى (الصرف)، (واسم للقبيلة)، و(اسم لهذا الفن) غلب عليه من بين المنحوات، كما غلب علم الفقه(4) على الأحكام الشرعية، وعلم الكلام(5) على العلوم الإلهية.
وأما الاصطلاحي: فقال ابن الحاجب: هوعلم بأصول يعرف بها أحوال أبنية الكلم إعرابا وتصريفا.
Страница 34
وقال صاحب البرود:(1) أقرب ما يحدبة:علم يتعرف به التغيرات العربية الواقعة على الكلم لفظا أوتقديرا، فاحترز بالتغيرات العربية عن غير العربي كنصب الفاعل ورفع المفعول وبقوله (الواقعة على الكلم) من معرفة الكلم ومعانيها وهواللغة، ودخل في معرفة التغيرات، البناء على حركة أوسكون وإن كان لا يتبدل، لأنه لا يعرف مواضع التغيير إلا وقد عرف مالا يتغير.
وأما الكلمة فهي مفرد الكلم مثل تمرة وتمر لأن الكلم لم يستعمل إلا فيما فوق الاثنين بخلاف تمرة، فإن يستعمل في الواحد والاثنين والجمع، وفيها ثلاث لغات بوزن نبقة لأهل الحجاز وهي أقواها، وبوزن سدرة، وبوزن تمرة وهي أضعفها، ولها حقيقتان: لغوية واصطلاحية:
أما اللغوية: فتستعمل حقيقة ومجازا، والحقيقة إطلاقها على كل واحد من الاسم والفعل والحرف.
والمجاز في معان ثلاثة: يعبر بها عن القصيدة، كقول العرب: أفصح كلمة قالها لبيد:
[1] ألا كل شيء ماخلا الله باطل
Страница 35
وكل نعيم لا محالة زائل(2) ويعبر بها عن عيسى عليه السلام، قال تعالى: {وكلمته ألقاها إلى مريم}(1) ويعبر بها عن الكلام، كقوله: ((الكلمة الطيبة صدقه)) (2).
وأما الاصطلاح: فما ذكره المصنف(3) وهو: (لفظ وضع لمعنى مفرد) فقوله: (لفظ) جنس الحد يدخل فيه المهمل والمستعمل، وخرجت الخطوط والإشارات والعقود والنصب، فإنها وإن دلت على معنى فليست بلفظ، وقوله: (وضع)، خرج ما كان بالطبع كقول الساعل: أح، والنائم أخ، قوله (لمعنى) خرجت المهملات نحو: كادث، وما دث، وديز مقلوب زيد، (مفردا) احتراز من المركب، نحو (قام زيد)، و(زيد قام)، وسائر التراكيب، ويجوز في (مفرد) الرفع والجر، فالرفع صفة للفظ، والجر صفة للمعنى، لكن الرفع ضعيف للفصل بين الصفة والموصوف، ولأنه يرد عليه نحو: عبد الله(4) مسمى به، فهولفظ مركب وضع لمعنى مفرد، ومعرفة هذه الحقيقة موقوفة على معرفة اللفظ، والوضع، والمعنى، والمفرد.
فاللفظ:(5) اشتقاق من الطرح، يقال لفظته الأرض أي طرحته، وهوفي الأصل مصدر، ثم استعمل في معنى الملفوظ به، وهوالمراد هنا، كما تقول: الدينار ضرب الأمير، أي مضروبه(6).
Страница 36
وحده ما يخرج من الفم، قاله الرماني(1)، وهومعترض بالريق، وعلى هذا لا يقال لفظ الله، كما يقال: كلام الله(2)، فلا يصح التحديد به لعدم عمومه، والأولى أن يقال: هوالصوت المتقطع أحرفا، فيخرج ما كان شاذا (حا) كصوت البهائم، وطنين الذباب، وصرير الباب.
والوضع: إيقاع لفظ على أمر يفهم عند سماعه ذلك الأمر، والمعنى هوالمسمى، والمفرد ما لا يدل(3) جزء لفظه على جزئه حين صار جزءا له كقولك (زيد) فإن أحد حروفه لا يدل على جزء له من ذاته، وقوله: (حين صار جزءا له)، كقولك: زيد، فإن أحد حروفه، مثل (غلام زيد)، إذا سمي به، فإنه قبل التسمية دال جزء لفظه على جزئه، وبعد التسمية غير دال، والمركب عكس ذلك، وهوما يدل جزء لفظه على جزئه حين صار جزءا(4) له، ويرد على حده ثلاثة أسئلة:
الأول: الضمير المستتر في (قم)، فإنه كلمة وليس بلفظ، وأجيب بأنه كالملفوظ به، بدليل أنه لا يستقل الكلام دونه، وأنه يبرز في بعض المواضع، نحو: (قوما)، بخلاف ضمير اسم الفاعل، ولهذا لم يكن كلمة مستقلة.
Страница 37
الثاني: أنه جمع بين النقيضين في قوله: (الكلمة) لأن الألف واللام للجنس فيها والتاء للإفراد، والجواب أن لام الجنس على ضربين: مستغرقة مفيدة للكثرة: وهوما يحس منها لفظ (كل)(1) كقوله تعالى: {والعصر، إن الإنسان لفي خسر}(2) ودالة على ماهية الجنس المقصود في الذهن عقلا من غير نظر إلى قلة ولا كثرة(3) كقوله تعالى: {لئن أكله الذئب}(4)، لأنه هنا لم يرد استغراق الجنس، وهوالمقصود في الكلمة، لأن الحد إنما يذكر لبيان ماهية الشيء من غير نظر إلى استغراقه.
الثالث: ما وجه تذكيره لفظ ؟ وهلا أنثه مطابقة للكلمة، والجواب أن (لفظا) أعم من لفظة لأنه اسم جنس ك(تمرة)(5) [و2] وتمر تطلق على المفرد والمثنى والمجموع بخلاف تمرة، فإنها لا تطلق إلا على واحد الجنس لا غير، فلوقال: لفظه لزم في الحرف الواحد من (زيد) أن يكون كلمة ولا تجب المطابقة بين المبتدأ والخبر إلا إذا كان الخبر صفة مشتقة، (ولفظ) وإن كان في المعنى ملفوظا به، وهوصفة مشتقة، فالعبرة بالأصل والأصل مصدر، قال ابن الحاجب(6). قولنا لفظ أحسن من قولهم لفظة إشارة إلى قول الزمخشري(7)، ووجه واحد وإن أراد به عددا مخصوصا فلا دليل عليه وإن أراد جنس اللفظ، فقولنا لفظ أعم وأخصر وأدفع للبس.
Страница 38
قوله: (وهي اسم، وفعل، وحرف) يعني أن الكلمة تنحصر في هذه الثلاثة لا غير، وزاد الزمخشري(1) رابعا وهو(المشترك)، وطاهر (2) جعلها عشرة، لكن بينها أوبين اثنين منها. هذه التقسيمات ليست بزائدة على الاسم والفعل والحرف، لأن المشترك لا يكون إلا بينها أوبين اثنين منها، والرفع والنصب والجر وسائر ما زاده طاهر، بعضه ليس من أقسام الكلمة، كالحركات والجزم، وأما العامل والتابع فمن أقسامها، لكنه ذكرها باعتبار أمر آخر وهوكونه عاملا وتابعا، وأما الخط فهوعلم آخر وإنما قدم الاسم على الفعل لصحة الإخبار به وعنه، نحو: (زيد قائم)، و(القائم زيد)، وقدم الفعل على الحرف لأنه يخبر به بخلاف الحرف، فإنه لا يخبر به ولاعنه. فلذلك أخره وقد قيل في قوله: وهي اسم وفعل وحرف، يلزمه أن تكون الكلمة مجموع الثلاثة، لأن الواوتفيد الجمع، فيكون قوله: (مر بزيد) كلمة واحدة فلوأتى ب(أو) كان أولى، وجوابه من وجهين:
أحدهما: أن الواوبمعنى (أو).
الثاني: أن التقسيم مع الواوعلى ضربين:
Страница 39
تقسيم للاسم إلى أجزائه، كقوله: (السكنجين) خل وعسل وإلى جزيئاته، كقولك: الحيوان: (إنسان وفرس)، والكلمة (اسم وفعل وحرف) فهذا لا يلزم فيه الاجتماع بخلاف الأول، والفرق بين الجزئي والأجزاء، أن الجزئي يدخل تحت الكلي، ويكون الكلي خبرا عنه، نقول الإنسان حيوان، والاسم كلمة، ولا يدخل الجزء تحت الكلي ولا يخبر بالكلي عن الجزء، لا تقول: الزنجبيل سكنجين(1).
قوله: (لأنها إما تدل على معنى في نفسها أولا [الثاني الحرف إما أن يقترن بأحد الأزمنة الثلاثة أولا، الثاني الاسم، والأول الفعل](2))، الدليل على انحصار الكلمة في هذه الأقسام، العقل والسمع، أما العقل فالقسمة الدائرة بين النفي والإثبات، حيث قال: (لأنها إما أن تدل على معنى في نفسها أولا)، الثاني الحرف: (وهوإن لم يدل) والأول: وهوإن دلت، إما أن تقترن بأحد الأزمنة الثلاثة أولا.
الثاني: الاسم: وهوإن لم يقترن ودلت على معنى في نفسها، والأول الفعل، وهوإن اقترنت بأحد الأزمنة الثلاثة ودلت على معنى في نفسها وذلك لأن القسم ثلاث، قسمة دائرة بين إثباتين، نحو: (زيد في الدار أوفي السوق)، فهذه يجوز دخول متوسط بينها، وقسمة بين نفيين، نحو: (زيد لا في الدار ولا في السوق)، فهذه أيضا يجوز دخول متوسط بينها، وقسمة دائرة بين نفي وإثبات نحو: (زيد في الدار أولا؟) فهذه لا يجوز دخول متوسط بينها، وقسمة أسنخ(3) من الدائرة بين النفي والإثبات.
Страница 40
وأما السمع فما روي عن أمير المؤمنين علي (عليه السلام) أنه قال لأبي الأسود الدؤلي(1) يا أبا الأسود، اقسم لهم الكلام إلى ثلاثة أقسام (اسم وفعل وحرف).
قوله: (وقد علم بذلك حد كل واحد منها) يعني قد علم بهذا التقسيم حد كل واحد من الاسم والفعل والحرف، فإن قيل فلم حقق كل واحد منها بعد ذلك؟
قلنا هذا على سبيل الجملة، وتحقيق كل واحد منها [2ظ] على انفراده على سبيل التفصيل.
قوله: (الكلام) اسم مصدر كالطلاق والعتاق، لأنه من كلم وقياسه تكليما. وقيل: هومصدر لأنه قد عمل، قال الشاعر:
[2] فأشفي نفسي من تباريح ما بها
فإن كلاميها شفاء لما بيا(2)
والكلام يستعمل في اللغة وفي الاصطلاح، أما اللغة فيستعل في معان ثلاثة(3) على ما في النفس من إرادة الكلام وترتيبه وليس بمعنى مستقل قال:
Страница 41
[3] إن الكلام لفي الفؤاد وإنما
جعل اللسان على الفؤاد دليلا(1)
وعلى الخط لما بين دفتي المصحف تقول: هذا كلام الله، وعلى الإشارة قال الشاعر:
[4] إذا كلمتني بالعيون الفواتر
Страница 42
أجبت عليها بالدموع البوادر(2) وأما الاصطلاح فقوله: (ما تضمن كلمتين بالإسناد). فقوله: (ما) جنس للحد، فلوقال: (قول تضمن)، أوكلمتان أسندت إحداهما إلى الأخرى لكان أولى(1)، ويدخل في (تضمن) المنطوق به، نحو: (زيد قائم)، والمقدر نحو: (قم) بخلاف ما لوقال: (تركبت)، لأن التركيب يستدعي التعدد لفظا، قال ابن الحاجب(2) قوله: (كلمتين)، يحترز عن الكلمة الواحدة، وقوله بالإسناد: يعني (المفيد) كإسناد الجمل، ويخرج المضاف والمضاف إليه وسائر المركبات لأن إسنادها غير مفيد، لأن المراد بالإسناد، نسبة أحد الجزأين إلى الآخر لإفادة المخاطب، ولا يقال: هذا إضمار في الحد، لأن اللام للعهد، إذ المشهور من الإسناد في اصطلاح النحاة: إسناد الجمل وهوالمفيد، ويرد على حده من إسناد الجمل نحو: (إن قام زيد)، فإنه تضمن كلمتين بالإسناد وليس بكلام، فقيل: إن دخول حرف الشرط حالة عارضة ولا عبرة به، وقال الأندلسي(3) والإمام يحيى(4) بن حمزة: لابد في الحد من أن يقال: (وحسن السكوت عليه)(1).
Страница 43
قوله: (ولا يتأتى ذلك إلا في اسمين أواسم وفعل). وأجازه الفارسي في حرف واسم(2) نحو: (يا زيد) بدليل حسن السكوت عليها، وأجاب البصريون(3)بأن (يا) في معنى الفعل كأنك قلت (أدعوزيدا) وعلى كلام بعضهم لا إشكال، لأنه يقول باسمية حرف النداء، فقد يأتي من اسمين، وإنما لم يأت الكلام إلا في اسمين نحو: (زيد قائم) أوفي فعل واسم نحو: (قام زيد)، لأن التركيب الممكن يرتقي إلى اثنتي عشرة مسألة، لأن معنى ثلاثة، اسم وفعل وحرف، وتركيب كل واحد منها مع نفسه ومع أحدهما على البدل، ومعهما جميعا فخمس متكررة وواحدة مركبة من اسم وفعل وحرف، فبقي ستة، اسم مع اسم، واسم مع فعل، واسم مع حرف، وفعل مع فعل، وفعل مع حرف، وحرف مع حرف، ولا يصح من هذه المركبات إلا اثنان، اسم مع اسم، واسم مع فعل نحو: (زيد قائم) و(قام زيد)، فالأول جملة اسمية، والثاني فعلية، وإنما لم يتأت إلا منهما لأنه لابد من مسند ومسند إليه، وقد حصل فيهما، ولم يتأت في غيرها، إما لعدم المسند والمسند إليه كالحرف مع الحرف، أولعدم المسند إليه كالفعل مع الفعل، وكالفعل مع الحرف، أولعدم المسند كالاسم مع الحرف، ولا يرد عليه (يا زيد) لأن الحرف نائب مناب الفعل، على الصحيح.
Страница 44
قوله: (الاسم) اختلف في اشتقاقه، فعند البصريين أنه مشتق من السمو(1) وهوالعلو والارتفاع، لأنه سمى به إلى العقل فأخرجه إلى الوجود قال الشاعر: [ظ3]
[5] دنوت تواضعا وسموت مجدا(2) ... .......................................
فالمحذوف لامه، وعند الكوفيين أنه مشتق من السمة وهي العلامة، فالمحذوف فاؤه، قال ثعلب: الاسم سمة توضع على المسمى ليعرف بها، قال الشاعر:
[6] عوى ثم نادى هل أحصتم قلاصنا
Страница 45
وسمن على الأفخاذ بالأمس أربعا(3) ودليل البصريين(1) على أنه من السمو: التصغير والتكسير والإضمار، لأن التصغير والتكسير يردان الأشياء إلى أصولها، وهم يجمعون على أسماء وسمي وسميت، وقياس الكوفيين أوسام ووسيم ووسمت، ولم يقل بذلك أحد. وفيه خمس لغات اسم اسم سم سم [سم](2) وسما(3).
[7] فضم واكسر وذا في السين إن حذفت
والحذف والضم في مقصوده لزما
وقطع همزته في الشعر ليس به
بأس، ولولاه في هذا لما فهما(4)
قوله: (الاسم ما دل على معنى في نفسه غير مقترن بأحد الأزمنة الثلاثة) قوله: (ما) جنس للحد، فلوقال (كلمة) كان أولى (دل على معنى) خرجت المهملات في (نفسه)، خرج الحرف، ومحل (في نفسه) الجر صفة ل(معنى) وضمير (نفسه) عائد إلى (معنى) عند المصنف(5)، والصحيح أنه عائد إلى (ما) لأن المراد بها كلمة، وهي على بابها لا بمعنى الباء(6)، كما قال بعضهم و(غير) صفة بعد صفة لقوله (معنى).
قوله (غير مقترن بأحد الأزمنة)، خرج الفعل وبعض الاسم، نحو(الصبوح والغبوق)(7) (الثلاثة)، رجع (الصبوح) و(الغبوق) ويعني بالثلاثة: (الماضي والحاضر والمستقبل)، ويرد على حده إشكالات أربعة:
Страница 46
الأول: الخطوط والعقود والإشارات(1) والنصب فإنها دالة على معنى في نفسها غير مقترنة بأحد الأزمنة الثلاثة وليست بأسماء. وجوابه أنه اتكل على مورود القسمة كأنه قال: الاسم كلمة، والعقود ونحوها ليست من جنس الكلام.
الثاني: الفعل المضارع نحو(2) (يقوم) و(يضرب) على القول بالاشتراك فإنه دال على معنى في نفسه غير مقترن بأحد الأزمنة، والجواب أن الاعتبار بالمتكلم، ولم يقصد إلا أحد معنييه، واللبس إنما حصل على السامع ولا عبرة به.
الثالث: اسم الفاعل:(3) إذا أريد به أحد الأزمنة نحو: (زيد ضارب عمرا)، وأجيب بأن أصله أن يكون صفة، كقولك: (رجل مالك العبد) فإنه صفة محضة، وإنما عرض له الاقتران في بعض مواضعه لأجل الاشتقاق، والاشتقاق عارض، والعارض لا يخرج الأشياء عن أصولها(4) ألا ترى أن قولك (إن قام زيد قمت) يحكم عليه، ولكن لا عبرة بالعارض، قال ابن الحاجب:(5) وهذا الاعتراض أشكل من المضارع، أي أكثر إشكالا، وإنما كان أكثر لأن الفعل المضارع داخل في الاسم، واسم الفاعل خارج عنه، والشيء يدخل بأدنى ملابسة بخلاف الخروج.
Страница 47
الرابع: الأفعال التي لا تتصرف ك(نعم)(1) و(بئس) وأخواتهما فإنها دالة على معنى في نفسها غير مقترنة بزمان، فيدخل في حد الاسم ما ليس منه، وأجيب بأن الأصل فيه التصرف، ولكن سلبت التصرف لإفادة معنى، وهوالمدح العام والذم العام، ألا ترى إلى قول البائع: (بعت) [ظ3] والمشتري (اشتريت) فإنهما خرجا من الاقتران لعروض الإنشاء فيهما، وذلك لا يخرجهما عن الفعلية، قال الشيخ: (2) وهذا أشكل من اسم الفاعل، وجه إشكاله أنها لم توجد متصرفة ولهذا حكم بعضهم باسميتها، ولأن اسم الفاعل لم يحصل فيه اللبس إلا بواسطة، وهي عمله أوإضافته، وهذه الأفعال اللبس حاصل فيها من غير واسطة.
قوله: (ومن خواصه) (من) تبعيضية(3) لأن خواص الاسم كثيرة، لكن لم يذكر منها إلا ما اشتهر، وأكثر استعمالا، والخواص جمع خاصة(4)، ك(دواب) جمع (دابة)، ومعرفة الاسم تكون بالحد وبالخاصة، والفرق بينهما من وجهين:
أحدهما: أن الحد يعم أجزاء المحدود، والخواص بخلاف ذلك.
Страница 48
الثاني: أن الحد يطرد وينعكس والخاصة تطرد ولا تنعكس، وحقيقة الطرد أن تأتي بالحد إلى جانب (كل)، وتخبر بالمحدود أخيرا. فتقول: كل ما دل على معنى في نفسه غير مقترن بأحد الأزمنة الثلاثة فهواسم، وحقيقة العكس أن تأتي بالحد إلى جانب كل، وتخبر بالمحدود أخيرا فنقول: كل اسم فهودال على معنى في نفسه غير مقترن بأحد الأزمنة الثلاثة هذه حقيقة المنطقين، والنحويون يعكسون ذلك، فتقول: في الخاصة كل ما دخله الألف واللام فهواسم، فهذا اطراد(1) ولا يصح العكس لأن كثيرا من الأسماء لا تدخله الألف واللام، كالضمائر والأعلام وخواص الاسم على ضربين: لفظية ومعنوية، فاللفظية: اللام والجر بحرف والتنوين، والمعنوية: الإسناد إليه والإضافة(2).
قوله: (دخول اللام) وكان الأولى أن يقول: حرف التعريف ليدخل (أل) وإنما اختص بالاسم، فلأنه محكوم عليه بالإخبار عنه، ولا يحكم على الشيء إلا بعد معرفته، والأفعال أحكام يخبر بها، وحق الخبر أن يكون مجهولا ليفيد المخاطب فلم يقبل التعريف، وقد شذ دخول اللام على الفعل نحوقول الشاعر:
[8] ما أنت بالحكم الترضى حكومته
Страница 49
ولا الأصيل ولا ذي الرأي والجدل(3) قوله: (والجر) ولم يقل حرف الجر، لأنه قد يدخل على الفعل على سيبل الحكاية، وتقول (زيد) مرفوع ل(قام)، قاله ركن الدين(1) واعترضه صاحب البرود بأن الفعل قد صار (هذا) اسما، وإنما التعليل أن يدخل على الفعل إذا كان صفة لموصوف محذوف نحو:
[9] والله ما ليلي بنام صاحبه
ولا مخالط الليان جانبه(2)
وإنما كانت من خواص الاسم لأنها وضعت لتوصل معاني الأفعال إلى الأسماء، ولأن الجر علم المضاف والأفعال لا تقع مضافا إليه، لأن المضاف إليه محكوم عليه، والأفعال أحكام.
Страница 50
قوله: (والتنوين)(1) يريد تنوين التمكين والتنكير والعوض والمقابلة، ما خلا الترنم، فإنه لا يختص بالاسم وإنما اختص به تنوين التمكين لأنه دليل على تمكن الاسم في الإعراب، والأفعال غير متمكنة فيه، وتنوين التنكير لأنه دليل على تنكير أسماء مخصوصة كانت معارف، والأفعال نكرات من أول وهلة لا يدخلها التعريف، فلم تحتج إلى تنكير وتنوين العوض لأنه [ظ4] في الأصل عوض عن حذف المضاف إليه، والأفعال لا تضاف وما كان عوضا عن حرف أوإعلال محمول على العوض في المضاف إليه وتنوين المقابلة، لأنه عوض عن نون الجمع في المذكر السالم والأفعال لا تجمع(2).
قوله: (الإسناد إليه) يعني كونه فاعلا أومبتدأ هذه العلامات المعنوية، وإنما كان الإسناد إليه من خواص الاسم(3)، لأنه وضع لأن يسند ويسند إليه، لأنه محكوم عليه، والأفعال محكوم بها، فلم تقع إلا مسندة دائما، فلوأسند إليها لكانت مسندة ومسندا إليها في حالة واحدة وهومحال.
قوله: (والإضافة) يريد الإضافة لا بحرف ملفوظ به، نحو: (غلام زيد وضارب زيد)، بخلاف الإضافة بحرف ملفوظ به، نحو: (مررت بزيد) فإن
(مررت) مضافا إلى (زيد) بواسطة حرف جر، وإنما كانت الإضافة لا بحرف ملفوظ به من خواص الاسم، لأنها لا تخلومن تعريف(4) أوتخصيص أوتخفيف، ولا يصح ذلك في الفعل لأنه لا يتعرف ولا يتخصص لتوغله في التنكير، والتخفيف إنما يكون بسقوط تنوين أونون تثنية أوجمع، والفعل لا ينون ولا يثنى ولا يجمع.
Страница 51