فصل في أن لكل متحرك علة محركة غيره
نقول إن كل حركة توجد في الجسم فإنما توجد لعلة محركة لأنه لو كان الجسم يتحرك بذاته وتوجد فيه الحركة بما هو جسم فإما أن يكون لأنه جسم فقط وإما أن يكون لأنه جسم ما ولو كان لأنه جسم فقط لكان كل جسم متحركا وإن كان لأنه جسم ما فتكون علة الحركة الخاصية التي لتلك الجسمية وتلك الخاصية معنى زائد على الهيولى الجسمية والصورة الجسمية وهي قوة أو صورة أخرى غير ذلك فتكون الجسمية تجعل فيه الحركة عن وجود تلك الخاصية فيه فيكون مبدأ الحركة تلك الخاصية ومبدأ قبول الحركة هو الجسم لا محالة - وأيضا كل حركة تعرض موجودة في الشيء منسوبة إلى قطعة مسافة أو كيفية أو غير ذلك فإنها في الحال تعدم من حيث هي كذلك ووجود الحركة إنما يتحصل بأن يكون كذلك وليس شيء مما يوجد للشيء بذاته يعدم عنه أو يعدم عنه ما يتعلق بكونه فإذا ليس شيء من الحركات يوجد للشيء بذاته فإذا كل حركة فلها علة محركة وهذه العلة المحركة ينبغي أن يضاف إليها التحريك وحدها ولا يجوز أن يقال أن الجسم يحرك نفسه بها لأنه لو كان الجسم يحرك نفسه بها لكان نفسه يتحرك عن نفسه بها ليصير محركا بحركة واحدة ولو كان كذلك لكان شيء واحد فاعلا وموضوعا لفعل واحد وهذا محال على ما وضعناه في المبادئ والمقدمات فإذا الفعل مضاف إلى العلة وحدها - وهذه العلة المحركة إما أن تكون موجودة في الجسم فيسمى متحركا بذاته - وإما أن لا تكون موجودة في الجسم بل خارجة عنه فيسمى متحركا لا بذاته والمتحرك بذاته إما أن تكون العلة الموجودة فيه يصح عنها أن تحرك تارة وأن لا تحرك أخرى فيسمى متحركا بالاختبار وإما أن لا يصح عنها أن لا تحرك ويسمى متحركا بالطبع والمتحرك بالطبع إما أن يكون بالتسخير فتحركه علته بلا إرادة ويسمى متحركا بالطبيعة - وإما أن يكون بإرادة وقصد ويسمى متحركا بالنفس الفلكية.
Страница 90