219

النحو لا على أن يكون مقصوده أولية وإن كان ذلك التصور الواحد تتبعه تصورات جزئية " ذكرناها وفصلناها " على سبيل الانبعاث لا على سبيل المقصود الأول. ويتبع تلك التصورات الجزئية الحركات المنتقل بها في الأوضاع " والجزء الواحد بكماله لا يمكن في هذا الباب " فيكون الشوق الأول على ما ذكرنا ويكون سائر ما يتلوه انبعاثات وهذه الأشياء قد توجد لها نظائر بعيدة في أبداننا ليست تناسبها وإن كانت قد تحكيها وتخيلها مثل أن الشوق إذا اشتد إلى خليل أو إلى شيء آخر تبع ذلك فينا تخيلات على سبيل الانبعاث تتبعها حركات ليست الحركات التي إلى نحو المشتاق إليه نفسه بل حركات نحو شيء في طريقه وفي سبيله وأقرب ما يكون منه فالحركة الفلكية كائنة بالارادة والشوق على هذا النحو وهذه الحركة مبدؤها شوق واختيار. ويمكن أن يكون على النحو الذي ذكرناه ليس أن تكون الحركة هي المقصودة بالقصد الأول وهذه الحركة كأنها عبادة ما ملكية أو فلكية وليس من شرط الحركة الإرادية أن يكون مقصودها في نفسها بل إذا كانت القوة الشوقية تشتاق نحو أمر يسيح منه تأثير تتحرك له الأعضاء فتارة تتحرك على النحو الذي تتوصل به إلى الغرض وتارة على نحو آخر مشابه أو مقارب له إذا كان عن تخيل سواء كان الغرض أمرا ينال أو أمرا يقتدى به ويحتذى حذوه ويتشبه بوجوده فإذا بلغ الالتذاذ بتعقل المبدأ الأول وبما يعقل منه أو يدرك منه على نحو عقلي أو نفساني شغل ذلك عن كل شيء وكل جهة لكنه ينبعث من ذلك ما هو أدون منه مرتبة وهو الشوق إلى التشبه به بمقدار الامكان فيلزم طلب الحركة لا من حيث هي حركة ولكن من حيث قلنا ويكون هذا الشوق تبع ذلك العشق والالتذاذ منبعثا عنه وهذا الاستكمال منبعثا عن الشوق فعلى هذا النحو يحرك المبدأ الأول جرم السماء: وقد اتضح لك من هذه الجملة أيضا أن المعلم الأول إذا قال إن الفلك متحرك بطبعه فلماذا يعني أو قال إنه متحرك بالنفس فماذا يعني أو قال إنه متحرك بقوة غير متناهية يحرك كما يحرك المعشوق فماذا يعني فإنه ليس في أقواله تناقض ولا اختلاف.

Страница 219