فصل في أنه واحد من وجود شتى
وأيضا فهو تام الوجود لأن نوعه له فقط فليس من نوعه شيء خارج عنه واحد وجوه الواحد أن يكون تاما فإن الكثير والزائد لا يكونان واحدين فهو واحد من جهة تمامية وجوده وواحد من جهة أن حده له واحد وواحد من جهة أنه لا ينقسم لا بالكم ولا بالمبادئ المقومة له ولا بأجزاء الحد وواحد من جهة أن لكل شيء وجدة تخصه وبها كمال حقيقته الذاتية وأيضا هو واحد من جهة أخرى وتلك الجهة هي أن مرتبته من الوجود وهو وجوب الوجود ليس إلا له. فصل في البرهان على أنه لا يجوز أن يكون اثنان واجبي الوجود أي أن الوجود الذي يوصف به ليس هو لغيره وإن لم يكن من جنسه ونوعه. ولا يجوز أن يكون وجوب الوجود مشتركا فيه ولنبرهن على هذا فنقول إن وجوب الوجود إما أن يكون شيئا لازما لماهية تلك الماهية هي التي لها وجوب الوجود كما نقول للشيء إنه مبدأ فتكون لذلك الشيء ذات وماهية ثم يكون معنى المبدأ لازما لتلك الذات كما أن إمكان الوجود قد يوجد لازما لشيء له في نفسه معنى مثل أنه جسم أو بياض أو لون ثم هو ممكن الوجود وإمكان الوجود يلزمه ولا يكون داخلا في حقيقته وإما أن يكون وجوب الوجود هو نفس واجب الوجود ويكون نفس وجوب الوجود طبيعة كلية ذاتية له فنقول أولا أنه لا يمكن أن يكون وجوب الوجود من المعاني اللازمة لماهية فإن تلك الماهية حينئذ تكون سببا لوجوب الوجود فيكون وجوب الوجود متعلقا بسبب فلا يكون وجوب الوجود موجودا بذاته فإن وجوب الوجود من المعلوم أنه إذا لم يكن داخلا في ماهية شيء بل كان الشيء كإنسان أو شجرة أو سماء أو غير ذلك مما قد علمت أن الوجود ووجوبه ليس داخلا في ماهيته كان لازما له كالخاصية أو العارض العام لا كالجنس والفصل وإذا كان لازما كان تابعا غير متقدم والتابع معلول فكان وجوب الوجود معلولا فلم يكن وجوب وجود بالذات وقد أخذناه بالذات فإن لم يكن وجوب الوجود كاللازم بل كان داخلا في الماهية أو ماهية فإن كان ماهية عاد إلى أن النوعية واحدة وإن كان داخلا في الماهية فتلك الماهية إما أن تكون بعينها لكليهما فيكون نوع وجوب الوجود مشتركا فيه وقد أبطلنا هذا أو يكون لكل ماهية أخرى فإن لم يشتركا في شيء لم يجب أن يكون كل واحد منهما قائما في موضوع وهو معنى الجوهرية المقول عليهما بالسوية وليس لأحدهما أولا وللثاني آخرا فلذلك هو
Страница 189