أقول: أولا: قل لهذا القائل ما علم المعاني وما علم البيان وأي شيء هما وما موضوعهما فإنه لا يعرف شيئا من ذلك وإنما أتى بهذا الهذيان المضطرب ليزخرف به بناءه الخرب.
وثانيا: ما معنى القول الذي حكاه عنهم في تحقيق الظاهر الخ، فإن لأهل المعاني في فنهم أحولا تقتضي بتحقيق الظاهر أن العمل بالظاهر أولى ما لم يقم دليل على خلافه فهو ليس من قواعد المعاني والبيان أصلا وإنما هو من قواعد الأصوليين ثم أعقب كلامه هنا بنقل كلام من الملحة فكتب منها باب إن وأخواتها مع شرحه لبحرق سعيا لبيان الفرق بين (أن) و(إن) لكيلا يتم الاستدلال بما في البيت على ما في الآية وقد عرفت بطلانه فلا نطيل بذكره مرة أخرى.
قوله وقد بينا أن القول بنجاسة الشيء تعبد لا يثبت إلا بدليل قاطع ظاهر غير محتمل وإلا كان القائل بذلك متقول على الله بما لم يقله الله إلى آخر ما تعسف فيه .
أقول: قد قدمت لك أولا إن مثل هذا لا يخاطب، وثانيا: إنه زعم أن الأحكام لا تثبت إلا بدليل قاطع ثم أردفه بقوله ظاهر ثم زاد عليه بقوله غير محتمل ثم ذكر أن من أثبت حكما بالمعتمل كان متقولا على الله، أقول قد أثبت هو في هذه الشعبذه كثيرا من الأحكام بخبر واحد محتمل صدق إسناده وكذبه فكان قد أثبت الحكم بالمعتل فحق عليه القول أنه المنقول على الله، وقد سلف له مثل هذا الهذيان وقد نبهنا عليه هنالك، وثالثا : إن هذا القائل لا يعرف الفرق بين القاطع والظاهر والمحتمل ولا يعرف ما هي ولو عرف ذلك لما أردف بينهما في كلامه .
قوله: وقد ثبت ثبوتا متواترا أن النبي - صلى الله عليه وسلم - لما سئل عن الحلال والحرام قال : « الحلال ما أحل الله في كتابه والحرام ما حرم الله في كتابه » وما سكت عنه فهو مما عفى لكم ومثله القول بنجاسة الشيء لا يثبت بالمحتمل ولا بالقياس ... الخ .
Страница 30