296

Нархат тиб из ветвей Андалусии

نفخ الطيب من غصن الأندلس الرطيب

Редактор

إحسان عباس

Издатель

دار صادر-بيروت

Место издания

لبنان ص. ب ١٠

وركب موسى البحر إلى المشرق بذي حجة سنة خمس وتسعين وطارق معه، وكان مقام طارق بالأندلس قبل دخول موسى سنة وبعد دخوله سنتين وأربعة أشهر، وحمل موسى الغنائم والسّبي، وهو ثلاثون ألف رأس والمائدة منوّهًا بها ومعها من الذخائر والجواهر ونفيس الأمتعة ما لا يقدر قدره، وهو مع ذلك متلهف على الجهاد الذي فاته، أسيفٌ على ما لحقه من الإزعاج، وكان يؤمل أن يخترق ما بقي عليه من بلد (١) إفرنجة، ويقتحم الأرض الكبيرة حتى يتصل بالناس إلى الشام مؤملًا أن يتخذ مخترقه بتلك الأرض طريقًا مهيعًا يسلكه أهل الأندلس في مسيرهم وجيئهم من المشرق وإليه على البر لا يركبون بحرًان وقيل: إنّه أوغل في أرض الفرنجة حتى انتهى إلى مفازة كبيرة وأرض سهلة ذات آثار، فأصاب فيها صنمًا عظيمًا قائمًا كالسارية مكتوبًا فيه بالنقر كتابة عربية (٢) قرئت، فإذا هي: يا بني إسماعيل، انتهيتم فارجعوا، فهاله ذلك، وقال: ما كتب هذا إلاّ لمعنى كبير، فشاور أصحابه في الإعراض عنه وجوازه إلى ما وراءه، فاختلفوا عليه، فأخذ برأي جمهورهم، وانصرف الناس، وقد أشرفوا على قطع البلاد وتقصّي الغاية.
وحكى الرازي: أن موسى خرج من إفريقية إلى الأندلس في رجب سنة ثلاث وتسعين، واستخلف على إفريقية أسنّ ولده عبد الله بن موسى، وكان موسى في عشرة آلاف، قال: وكان عبد الملك بن مروان هو الذي أغزى موسى المغرب في خلافته، ففتح له في أهله البرابرة فتوح كبار، حتى لقد بعث إلى عبد الملك في الخمس بعشرين ألف سبيّةٍ، ثم أردفها بعشرين ألفًا أخرى، كل ذلك من البربر، فعجب عبد الملك يومئذ من كثرة ذلك.
وزعم ابن حبيب (٣): أنّه دخل الأندلس رجل واحد من أصاغر الصحابة، وهو

(١) ك: بلاد.
(٢) كذا في جميع الأصول.
(٣) سيأتي الحديث عن التابعين الذين دخلوا الأندلس في أول الباب السادس.

1 / 277