وحسن الأخلاق، وكان له مكانة كبيرة في نفوس الناس، واقتنى كتب كثيرة، وعرف بحل المشكلات والمعضلات، وفُوِّض إليه تدريس التفسير بعدة أماكن، وكانت مسموعاته من كتب الأدب بأسانيدها، غاية في الكثرة، وتوفي سنة ٦٩٨ هـ (١).
أقول: وهذا الشيخ نموذج لشيوخ المؤلف في العلوم المساعدة لتخصصه الأصلي، وهو الحديث، حيث قرر ابن حجر وغيره أن ابن سيد الناس قد أخذ النحو عنه (٢) فهذا أثره في تكوينه العلمي.
ويلاحظ مما تقدم عنه تضلعه في مرويات كتب الأدب، ومع ذلك لم أجد مَنْ ذكر أَخْذَ المؤلف عنه شيئًا من ذلك، ولا عن غيره، مع أن علم الأدب، هو ثاني علم عُرف به المؤلف بعد علم الحديث، وقد سبق ذكرى لدلائل وجود مرويات أدبية للمؤلف، وإجازته للصفدي بها.
١١ - توثيق المؤلف، والجواب عما انتُقِد به:
لقد دُوِّنَت السنة النبوية في أمهاتها، وحُكِم بالقَبول أو الرد على أكثر أسانيدها المدونة بها؛ ولكن المحدثين في كل عصر ما يزالون يحرصون على توفر الثقة، من عدالة وضبط، فيمن يشتغل بعلم الحديث رواية ودراية، حرصًا منهم على أن سلسلة أسانيد السنة التي اختصت بها الأمة تبقى متصلة بالثقات إلى يوم الدين (٣).
ولذا عَنيَ أكز المعاصرين لابن سيد الناس بتوثيقه، وانتقده بعضهم، بما لم يوافَق عليه، وإليك التفصيل:
(أ) عقيدته:
وصفه البِرْزَالي -وهو معاصره- والصفدي -وهو تلميذه الملازِم- بأنه
_________
(١) معرفة القراء الكبار للذهبي ٢/ ٧٢٩ وبغية الوعاة للسيوطي / ٦ ط أولى بمصر.
(٢) الدرر الكامنة ٤/ ٣٣١.
(٣) انظر التقريب وشرحه التدريب ١/ ٣٤٠، ٣٤١.
1 / 36