والوجه الرابع من الأدلة وهو الذي يظنه أكثر فقهاء الملة أنه لاينكر أن احتمال إحداث البيع والكنائس بالقاهرة المحروسة بعد بنائها ممكن، كما أنه يمكن أن تكون موجودة قبل ذلك، وحينئذ فإما أن يدعوا أن إيجادها في أمكنتها كان قبل الفتح، أو بعده، فإن كان بعده، فذاك منقوض باتفاق من أصحابنا، وإن كان قبله، فالصحيح كما حكاه النقلة، الذين يرجع إلى قولهم في نقل المذاهب، التي يجب على المقلدين العمل بها والفتوى أن البلاد فتحت عنوة / وحكاه شيخ الأنام، قاضي القضاة، تقي الدين أبوالفتح محمد القشيري (¬1) 12ب عن نص مالك رضي الله عنه في المدونة: وما فتح عنوة، وكان فيه حين الفتح بيع وكنائس ونحوهما، لا يجوز مصالحة أهل الذمة على إقرارها بالجزية على الصحيح من الوجهين في الوجيز، والوسيط (¬1)، والنهاية (¬2)، والمنهاج (¬3)، والمحرر (¬4)، وأنه يجب هدمها، لأن المسلمين قد ملكوها بالاستيلاء، فيمتنع جعلها كنيسة، وعليه ينطبق نص الشافعي رحمه الله في الأم (¬5)، في سير الواقدي، في الجزء الخامس عشر: فكل بلد فتحت عنوة فأرضها ودارها كدنانيرها ودراهمها وهكذا صنع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في خيبر وبني قريظة (¬1).
وباتفاق لا يجوز للإمام أن يترك لهم الدنانير والدراهم في معاملة عقد الذمة، فكذا لا يجوز / أن يترك لهم الكنائس، وقد ملكها المسلمون لأجل13 أعقد الذمة، ثم تركها لهم لا يجوز أن يكون على وجه الهبة لما لا يخفى، ولا على وجه المعاوضة، لأجل عقد الذمة، لأن البذل يكون منهم لا منا، فلم يبق إلا جعلها مرصدة لهم لأجل المصلحة، وملك الغانمين لا يجوز أن يعطل عليهم؛ لأجل وجه المصلحة، ولهذا لما اختلف قول الشافعي في كون أراضي الفيء تكون موقوفة ن لم يختلف في أن ما فتح عنوة لا يكون موقوفا، وعمر رضي الله عنه إنما وقف أرض السواد إن قيل إنها وقف ن بعد استطابة قلوب الغانمين، أو لاجتهاد رآه، وهو قوله (¬2): لولا آخر المسلمين لقسمت الأراضي كما قسم رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولأجل ذلك، والله أعلم.
Страница 21