يعلمه من علومه ، فاجابه الخضر : إنك لم تحط بأسراري وألغاز أعمالي ، ولن تتحملها وذلك لقلة احاطتك ومعرفتك.
وهذا التعبير يبين بوضوح أن عدم العلم والمعرفة يؤدي إلى نفاد صبر الإنسان.
بالطبع أن الصبر قد يكون مصدرا لزيادة العلم والمعرفة ، وعليه فهذان الإثنان بينهما تأثير متبادل كما يصرح بذلك القرآن في عدد من الآيات :
( إن فى ذلك لآيات لكل صبار شكور ).
(ابراهيم / 5)، (لقمان / 31)، (سبأ / 19)، الشورى / 33)
ومن الواضح أن طريق العلم والمعرفة طريق صعب مليء بالمنغصات ، ولا يمكن أن يدرك العلم إلابالصبر والتحمل والصمود ، وأن العلماء والمخترعين والمكتشفين لم يصلوا إلى ما وصلوا إليه إلابالمثابرة والصبر.
** 25 العلم والمعرفة خير كثير
( يؤتى الحكمة من يشاء ومن يؤت الحكمة فقد أوتى خيرا كثيرا ). (البقرة / 269)
وكلمة «الحكمة» مشتقة من مادة «حكم» على وزن (ختم) وتعني الصد والمنع بهدف الإصلاح ولهذا يقال لزمام الحيوان « حكمة » على وزن (شجرة)، وبما أن العلم والمعرفة يحول دون اتخاذ الإنسان سلوكا مشينا ، فلهذا سميت «حكمة».
كما أن «العقل» يعني الامساك والحفظ ، ولهذا قيل للحبل الذي تربط به رجلا الجمل «عقال»، فالعقل قيل له عقلا لأنه يصون الإنسان من الانحراف عن جادة الصواب.
وعلى أية حال ، فإن القرآن الكريم وصف العلم بأبلغ وأجمل توصيف حيث قال (خيرا كثيرا)، وهذا التعبير يشمل جميع النعم والمواهب الإلهية المادية منها والمعنوية.
إن المستخلص من خمسة وعشرين عنوانا ذكر حتى الآن حقيقة بينه واضحة وهي : إن القرآن وبالاستعانة بعبارات شيقة ولطائف البيان يحث الإنسان على طلب العلم والمعرفة
Страница 59