بداية شرح المصنف للكتاب الكلام على مقدمة الشارح
ذكر ما يحتاج إلى البيان في عنوان الكتاب
قوله: (وربما سميت في بعضها الصحابي الذي يرويه عن رسول الله ﷺ لمعنى دعا إليه).
تنبيه: يوجد ذلك المعنى على وجوه كثيرة يعسر استيعابها حصرا وتعدادا؛ فنذكر منها أمثلة تحل عقدة الإشكال عن قوله، فنقول: إن الحديث الواحد ربما روى عن جمع من الصحابة بطرق شتى وألفاظ مختلفة يرويه كل واحد منهم على سياق آخر؛ فإذا حدث المحدث به وساقه على سياق واحد: ذكر الصحابي الذي يرويه على ذلك السياق ليتميز حديث بعضهم عن البعض. والوجه الآخر: أن يروي أحد الصحابة حكما مطلقا ويرويه الآخر مقيدا؛ فيذكر الراوي حينئذ رفعا للخلاف، ودفعا للالتباس.
والوجه الآخر: أن يسند الحديث إلى جمع من الصحابة بروايات مختلفة، وبعضها لا يكاد يصح؛ إما لضعف في الرجال أو خبط في الإسناد، أو انقطاع فيه، فيعين الصحابي (دفعا للشبهة) وقطعا للاعتراض.
والوجه الآخر: أن يعارض الحديث حديث آخر، ويكون في ذكر الراوي حصول معرفة التقدم والتأخر اعتبارا بزمان الصحابة، والاستشهاد في علم الناسخ والمنسوخ، والفرق بين السابق واللاحق فيذكر الراوي الاستدلال والاحتجاج وإن شذ عن هذه الأمثلة ونظارها في القياس شيء؛ فالظاهر أنه أثبت على حاشية الكتاب فألحق بالأصل.
ومن الدليل على هذا أنا لا نجد أكثر النسخ في كر الصحابي على وتيرة واحدة، وأن أكثر أحاديث هذا الكتاب مقترن بذكر الصحابي الذي يرويه. والمؤلف أشار بحرف التقليل إلى ما هو دون ذلك فقال (وربما سميت) والله أعلم.
قوله: أعني بالصحاح ما أخرجه الشيخان أبو عبد الله محمد بن إسماعيل البخاري وأبو الحسين مسلم بن الحجاج القشيري- رحمهما الله- في جامعيهما أو أحدهما. وبالحسان ما أورده أبو داود وأبو عيسى وغيرهما في تصانيفهم.
أشار بقوله: (أعني) إلى مصطلحه الذي وضعه للتفريق بين الدرجة الأولى من الصحيح التي صنف عليها كل واحد من كتابي إمامي أهل الصنعة وبين ما دون ذلك في الدرجة، ولهذا استدركه بقوله: وأكثرها صحاح، ولم يرد بهذا القول نفي الصحة عما عداها؛ إذ هو قول يفضي إلى تعطيل أبواب كثيرة من السنة.
1 / 33