Муяссар в жизни праведных халифов
الميسر في حياة الخلفاء الراشدين
أراد علي بعد فشل التحكيم أن يستعد للنهوض إلى الشام، وطلب من واليه على البصرة عبدالله بن عباس أن يستعد بأهل مصره، فأرسل ابن عباس المقاتلين، إلا أن عليا قد لاحظ أولئك الذين خرجوا من عسكره بالأمس ثم عادوا، ثم بدؤوا يتسللون رتلا إثر رتل، ويكتبون إلى إخوانهم في البصرة ليوافوهم في النهروان، فسكت عنهم، وأراد أن يتركهم وما خرجوا له، وقال : إن سكتوا تركناهم، وإن تكلموا جادلناهم، وإن أفسدوا قاتلناهم، ورغب أن يسير إلى الشام ويتركهم وشأنهم، إلا أن فسادهم قد بدأ، فقد قتلوا عبدالله بن خباب بن الأرت وذبحوه ذبح النعاج، وقتلوا نسوة معه، فأرسل إليهم رسولا فقتلوه، عندها اضطر إلى العودة إليهم، والتخلص منهم بصورة من الصور قبل أن يسير ويتركهم وراءه يعيثون في الأرض الفساد.
فسار إليهم، وجادلهم، وطلب منهم تسليم قتلة عبدالله بن خباب بن الارت فقالوا : كلنا قتلة، وتمادوا في الرد، ثم هجموا على جيشه، وبدؤوا بالقتال، فاضطر إلى حربهم وإبادتهم في مكانهم في النهروان، وكان أكثرهم من أهل الكوفة، وجيشه من أهل الكوفة، فقد قتل زيد بن عدي بن حاتم معهم، وأبوه عدي بن حاتم في جيش علي، وأكثر القتلى كانوا بهذه الصورة أو قريبة منها، فغدا جيشه حزينا كئيبا على قتلى خصومه أو قتلى أهله فتغيرت النفوس، وتبدلت الطباع، وعلى هذه الصورة كانت تلك المعارك التي دارت في ذلك الوقت بين المسلمين : اختلاف في وجهات النظر وفي الرأي فينحاز كل فرد إلى جانب، ويقاتل فمن قتل فقد انتهى، ومن قتل فقد أصيب بمن فقد.
رأى علي بن أبي طالب أن ينتظر قليلا ليستريح الناس من تعب القتال، ولينسى الذي أصيب مصيبته، وكان معاوية بن أبي سفيان بالشام قد سمع استعداد علي للسير إلى الشام فأسرع إلى صفين ولكن لم يجد للعراق جيشا، وانتظر، وجاءت أخبار الخوارج، وما حدث بينهم وبين علي، فعرف الأمر، وقفل راجعا إلى الشام وقد أراح واستراح.
Страница 86