والأبيات من أرجوزته التي أولها:
وعاذل عذلته في عذله ... فظن أنى جاهلٌ من جهله
وكان أبن الأعرابي - على علمه وتقدمه - قد حمل نفسه على هذا الظلم القبيح والتعصب الظاهر، فما تنكرون أيضًا أن تكون سائر من ذكرتموه مثل حاله؟ ١٠ - قال صاحب البحتري: لا يلزم ابن الأعرابي من الظلم والتعصب ما ادعيتم، ولا يلحقه نقصٌ في قصور فهمه عن معاني شاعرٍ عدل في شعره عن مذاهب العرب المألوفة إلى الاستعرات البعيدة المخرجة للكلام إلى الخطأ أو الإحالة، بل العيب والنقص في ذلك يلحقان أبا تمام؛ إذ عدل عن المحجة إلى طريقةٍ يجهلها ابن الأعرابي وأمثاله، وأما ما استحسنه ابن الأعرابي من شعر أب يتمام على أنه لأعرابي فأمر بكتبه، ثم أمر بتخريقه لما علم أنه قائله، فذلك غير منكر، ولا يدخل ابن الأعرابي في التعصب والظلم؛ لأن الذي يورده الأعرابي - وهو محتذٍ على غير مثال - أحلى في النفوس، وأشهى إلى الأسماع، وأحق بالزيادة والاستجادة مما يورده المحتذى على الأمثلة، وعذر ابن الأعرابي في هذا واضحٌ، وقد سبقه الأصمعي، وذلك أن لإسحاق بن إبراهيم الموصلي أنشد الأصمعي:
1 / 23