299

Мувафакат

الموافقات

Редактор

أبو عبيدة مشهور بن حسن آل سلمان

Издатель

دار ابن عفان

Издание

الأولى

Год публикации

1417 AH

فَصْلٌ:
إِذَا تَقَرَّرَ تَصْوِيرُ الْكُلِّيَّةِ وَالْجُزْئِيَّةِ فِي الْأَحْكَامِ الْخَمْسَةِ؛ فَقَدْ يُطْلَبُ الدَّلِيلُ عَلَى صِحَّتِهَا، وَالْأَمْرُ فِيهَا وَاضِحٌ مَعَ تَأَمُّلِ مَا تَقَدَّمَ فِي أَثْنَاءِ التَّقْرِيرِ، بَلْ هِيَ فِي اعْتِبَارِ الشَّرِيعَةِ بَالِغَةٌ مَبْلَغَ الْقَطْعِ لِمَنِ اسْتَقْرَأَ الشَّرِيعَةَ فِي مَوَارِدِهَا وَمَصَادِرِهَا، وَلَكِنْ إِنْ طَلَبَ مَزِيدًا فِي طُمَأْنِينَةِ الْقَلْبِ، وَانْشِرَاحِ الصَّدْرِ؛ فَيَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ جُمَلٌ:
- مِنْهَا: مَا تَقَدَّمَتِ الْإِشَارَةُ إِلَيْهِ فِي التَّجْرِيحِ بِمَا دَاوَمَ عَلَيْهِ الْإِنْسَانُ، مِمَّا لَا يُجَرَّحُ بِهِ لَوْ لَمْ يُدَاوِمْ عَلَيْهِ، وَهُوَ أَصْلٌ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ بَيْنَ الْعُلَمَاءِ فِي الْجُمْلَةِ، وَلَوْلَا أَنَّ لِلْمُدَاوَمَةِ تَأْثِيرًا؛ لَمْ يَصِحَّ لَهُمُ التَّفْرِقَةُ بَيْنَ الْمُدَاوَمِ عَلَيْهِ وَمَا لَمْ يُدَاوَمْ عَلَيْهِ مِنَ الْأَفْعَالِ، لَكِنَّهُمُ اعْتَبَرُوا ذَلِكَ؛ فَدَلَّ عَلَى التَّفْرِقَةِ، وَأَنَّ الْمُدَاوَمَ عَلَيْهِ أَشَدُّ وَأَحْرَى مِنْهُ إِذَا لَمْ يُدَاوَمُ عَلَيْهِ، وَهُوَ مَعْنَى مَا تَقَدَّمَ تَقْرِيرَهُ فِي الْكُلِّيَّةِ وَالْجُزْئِيَّةِ، وَهَذَا الْمَسْلَكُ لِمَنِ اعْتَبَرَهُ كَافٍ.
- وَمِنْهَا: أَنَّ الشَّارِعَ وَضَعَ الشَّرِيعَةَ عَلَى اعْتِبَارِ الْمَصَالِحِ بِاتِّفَاقٍ، وَتَقَرَّرَ فِي هَذِهِ الْمَسَائِلِ أَنَّ الْمَصَالِحَ الْمُعْتَبَرَةَ هِيَ الْكُلِّيَّاتُ دُونَ الْجُزْئِيَّاتِ؛ إِذْ مَجَارِي الْعَادَاتِ كَذَلِكَ جَرَتِ الْأَحْكَامُ فِيهَا، وَلَوْلَا أَنَّ الْجُزْئِيَّاتِ أَضْعَفُ شَأْنًا فِي الِاعْتِبَارِ لَمَا صَحَّ ذَلِكَ بَلْ لَوْلَا ذَلِكَ لَمْ تَجْرِ١ الْكُلِّيَّاتُ عَلَى حُكْمِ الِاطِّرَادِ، كَالْحُكْمِ بِالشَّهَادَةِ، وَقَبُولِ خَبَرِ الْوَاحِدِ، مَعَ وُقُوعِ الْغَلَطِ وَالنِّسْيَانِ فِي الْآحَادِ، لَكِنِ الْغَالِبُ الصِّدْقُ؛ فَأُجْرِيَتِ الْأَحْكَامُ الْكُلِّيَّةُ عَلَى مَا هُوَ الْغَالِبُ حِفْظًا عَلَى الْكُلِّيَّاتِ، وَلَوِ اعْتُبِرَتِ الْجُزْئِيَّاتُ لَمْ يَكُنْ بَيْنَهُمَا فَرْقٌ، وَلَامْتَنَعَ الْحُكْمُ إلا بما هو معلوم، ولا طرح الظَّنُّ بِإِطْلَاقٍ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ، بَلْ حُكِمَ بِمُقْتَضَى ظن الصدق، وإن برز

١ في "ط": "تجز" بالزي، ولها وجه.

1 / 221