بذلك يضله فى الآخرة ، بمعنى أنه يعاقبه ، أو يأخذ به عن طريق الجنة إلى طريق النار.
وأراد بقوله : ( ويهدي به كثيرا ) أحد أمرين : إما الدلالة والبيان. وخص به كثيرا ؛ لأنهم الذين اهتدوا ، كما خص المتقين بذلك فيما قدمناه من الآية ، لهذه الجملة (1)، وتجوز. وإما أن يريد به : ويهدى بالإيمان به فى الآخرة إلى طريق الجنة كثيرا ، وكل ذلك يبين أنه لا يدل على ما ذهبوا إليه.
وقد قيل : إنه أضاف الضلال إلى نفسه لما ضلوا عند ضربه المثل ، على مجاز الكلام ، كقوله : ( وأضلهم السامري ) (2) لما ضلوا عند دعائه ، وكقوله : ( رب إنهن أضللن كثيرا من الناس ) (3) لما ضلوا عندها وبسببها ، وكقول العربى لمن فعل ما عنده ظهر فى الغير التعب أو البخل أو الجبن : إنه (4) أتعبه وأبخله. وهذا كثير فى اللغة.
ثم يقال للقوم : لو لا أن المراد بالضلال العقوبة ، على ما نقوله ، لم يذمهم بذلك ، ولما صح أن يقول : ( وما يضل به إلا الفاسقين الذين ينقضون عهد الله من بعد ميثاقه ) (5)... إلى آخره ، فيصفهم بماله استوجبوا العقاب ، « ولما صح أن يضيف إليهم الفسق ونقض العهود ، إلى غير ذلك مما نسبه إليهم (6)، ولما صح أن يصفهم بأنهم الخاسرون (7)، لأن الخاسر فى اللغة ، هو الذى فعل
Страница 69