ويجب أن يدل ذلك على أن المراد : ما بقوله بعض شيوخنا رحمهم الله ، من أن المراد به العقوبة ؛ لأنه خصهم بضرب من العقوبة ، من حيث كفروا ودانوا بالكفر فبين أنه تعالى يعاقبهم على ذلك فى الدنيا بالذم والتوبيخ وإظهار ذلك ، وسماه ختما ، ثم لهم فى الآخرة عذاب عظيم.
وبعد ، فلو احتمل الختم أن يكون مفيدا « للمنع ، ولما (1) ذكرنا. لوجب صرفه إلى ما قلناه من حيث ثبت بالعقل أنه تعالى لا يجوز أن يأمر بالإيمان ويرغب فيه ويعد عليه ويزجر عن خلافه ، ويمنع مع ذلك منه ، ولا يجوز ذلك عليه وهو يقول : ( فما لهم لا يؤمنون ) (2) ( وما منع الناس أن يؤمنوا ) (3). وكل ذلك يوجب صحة ما قلناه.
وإنما أراد بذكر الغشاوة ، أنهم لا ينتفعون بما يبصرون ويسمعون. فلإخراجهم أنفسهم من الانتفاع بذلك بترك الفكر فيه والاستدلال به ، صاروا بمنزلة من بينه وبين ما يراه ويسمعه حائل ، فصار ما فعلوه من الكفر والإعراض عن الطاعة والإيمان ، حالا بعد حال ، كالساتر لهم عما يسمعون ويبصرون. ولم يضف تعالى الغشاوة إلى نفسه ، كما أضاف الختم إليه ، فليس لأحد أن يدفع ما ذكرناه بهذا الوجه.
** 19 مسألة :
يعنى : كفرا وشكا ، وذلك يدل على أنه عز وجل يفعل الشك والكفر فى قلوب الكافرين والمنافقين.
Страница 54