والجواب عن ذلك : أن ظاهره إضافة الهم إليهما ، وليس فيه أنه تعالى فعله فيهما (1) فلا تعلق للمجبرة بذلك.
وبعد ، فإنه ليس فى ظاهره إضافة الهم إليهما مطلقا : لأنه قال : ( لو لا أن رأى برهان ربه ) فكان تحقيق الكلام : أنه لو لا رؤيته البرهان لقد همت به وهم بها ، كما يقول القائل : فلان ضرب غلامه ضربا شديدا لو لا أنى استنقذته من يده! فمن أين أنه هم فى الحقيقة بذلك ، مع ما ذكرناه من الشرط فى الكلام؟ يبين ذلك أنه تعالى وصفه بأنه صرف عنه السوء والفحشاء ، ولو كان هم فى الحقيقة كما يقولون بأن عزم على مواقعتها وأظهر ذلك واجتمع معها ، لكان ذلك من الفحش العظيم ، فكان لا يصح وصفه بأنه قد صرف عنه الفحشاء!
وقد قال أبو على رضى الله عنه : المراد بالآية أنه اشتهى ما دعته إليه ، كما اشتهت ما أرادته منه ، وقد تسمى الشهوة هما ، ولذلك يقول القائل فى الذى يشتهيه إن هذا من همى ، كما يقوله فيما يريده ويعزم عليه ، فيجب حمل الكلام على الشهوة تنزيها للأنبياء عن الفاحشة. ودل على أنه المراد بقوله : ( كذلك لنصرف عنه السوء والفحشاء ).
وسائر ما ذكره تعالى من تنزيهه يوسف عليه السلام فى السورة ، يدل على ما قلناه ، لأنه تعالى وصفه بأنه يجتبيه ، وهذه صفة من لا يعزم على الفواحش.
ووصفه بأنه من عباده المخلصين ، وذلك أيضا لا يليق به الإقدام على العزم على الزنا (2).
وخبر عن النسوة أنهن قلن : حاش لله ما علمنا عليه من سوء ، ولو كان قد عزم وقعد مقعد الزنا لم يصح ذلك.
Страница 391