كانت غرفة نومها باردة؛ إذ كانت فوق الجراج وبها نوافذ من ثلاث جهات. فيما عدا ذلك، كانت غرفة لطيفة، وكانت هناك بعض الصور المعلقة في أطر أعلى السرير لسماوات وأطلال إغريقية التقطتها الدكتورة هينشو بنفسها أثناء رحلتها إلى بلدان البحر الأبيض المتوسط.
كانت تكتب آنذاك مقالا عن مسرحيات ييتس، وكان من بين شخصيات إحدى هذه المسرحيات عروس شابة اختطفتها الجنيات بعيدا مخلصة إياها من زيجة يحكمها العقل لم تتحملها تلك الفتاة.
قرأت روز: «فتلهربي أيتها الطفلة البشرية ...» وعيناها مملوءتان بالدموع ابتئاسا على حالها، كما لو كانت هي تلك الفتاة البتول الخجولة الرقيقة الهاربة من الفلاحين مشوشي الفكر الذين حاصروها. لكن على أرض الواقع، كانت روز هي الفلاحة التي تصدم باتريك ذا المبادئ السامية، لكنه لم يحاول الهرب منها.
التقطت إحدى هذه الصور وشوهت ورق الحائط بكتابة مطلع قصيدة طرأت على ذهنها أثناء تناولها الشوكولاتة في السرير، ورياح متنزه جيبونز ترتطم بحوائط الجراج:
أهوج أحمله في رحمي
طفل أبوه مجنون ...
ولم تضف أية كلمة لذلك قط، وتساءلت أحيانا عما إذا كانت تقصد «أحمق»، بدلا من «أهوج»، لكنها لم تحاول مسح هذه الكلمة أيضا قط. •••
عاش باتريك في إحدى الشقق مع طالبين آخرين من طلاب الدراسات العليا. عاش حياة بسيطة، لم يمتلك سيارة أو ينتمي إلى أي من نوادي الأخوية. واتسمت ملابسه ببعض ملامح ملابس الأكاديميين العادية الرثة. وكان أصدقاؤه من أبناء المعلمين ورجال الدين. وقال لروز ذات مرة إن والده كاد يتبرأ منه لاختياره طريق العلم، وإنه لن يدخل عالم التجارة أبدا.
عادا معا ذات مرة إلى تلك الشقة في فترة ما بعد الظهيرة لعلمهما بعدم وجود الطالبين الآخرين فيها. كانت الشقة باردة. خلعا ملابسهما سريعا، ودخلا في سرير باتريك. تعلق أحدهما بالآخر، وهما يرتعشان ويقهقهان. كانت روز هي من تقهقه؛ فقد شعرت بضرورة أن تكون مرحة دائما. أفزعتها احتمالية عدم تمكنهما من المضاجعة، ومن تعرضهما لمهانة كبيرة، واتضاح مرير لصور الخداع والغش، لكنها في الواقع هي من اتسمت بهذا الخداع والغش. لم يكن باتريك محتالا أبدا. تمكن من مضاجعتها بالرغم من كم الإحراج الهائل والاعتذارات، ومر بمراحل اندهش لها من اللهاث والتخبط إلى شعور بالارتياح والسكينة. أما روز، فلم تساعده؛ فبدلا من أن تبدي استسلاما صادقا، أخذت تتحرك كثيرا متظاهرة برغبة زائفة وعاطفة ملتهبة مزيفة. وقد سعدت بإتمام الأمر؛ ما كان عليها أن تزيف ذلك. لقد فعلا ما فعله الآخرون، أو بالأحرى ما فعله المحبون. فكرت في الاحتفال بالحدث، وما خطر على ذهنها هو تناول شيء لذيذ، ربما آيس كريم بالفواكه والمكسرات في بوومرز، أو فطيرة تفاح بصوص القرفة الساخن. لم تكن متأهبة على الإطلاق لما كان يفكر فيه باتريك، وهو البقاء في مكانهما والمحاولة مرة أخرى.
وفي المرة الخامسة أو السادسة لالتقائهما، انطفأ حماسها ورغبتها تماما.
Неизвестная страница