فأجابته مودست قائلة: إن الموافقة التي تطلبها قد حصلت عليها من أمي قبل وفاة أبيك ببضعة أيام.
فقال لأمها: أحق ما تقوله يا سيدتي؟
قالت: نعم.
قال: لقد كنت أحسب أن الحياة متعذرة علي بعد فقد أبي، أما وعدك الآن فإنه أحياني وأراني السعادة في الحياة بعد أن كنت أحسبها في الموت.
أما جيرار فإنه قال لروبير بصوت منخفض: يجب أن أختلي بك هنيهة أيها الصديق فتعال معي.
ودخل الاثنان إلى غرفة فاختليا فيها، وبدأ جيرار الحديث فقال: اعلم أيها الصديق العزيز أنه لو كان أبوك في قيد الحياة لقال لك ما سأقوله الآن. - عم تتكلم؟ - عن حالتنا الحاضرة وسأبسطها لك، فأرجو المعذرة لما تراه علي من علائم التأثر؛ لأني لم أخف مرة على الذين أحبهم مثل خوفي الآن. - لقد أرعبتني أيها الصديق فأسرع بحديثك! - إنه حديث طويل مؤثر، فأصغ إلى النهاية دون أن تقطع علي الحديث.
إنك أيها الصديق لم تسألني مرة عن والد مودست. - أية فائدة من ذلك، فهي التي سأتزوجها وإني موفر عليك مؤنة القول؛ فإنك لا تعرف أباك وكذلك مودست، ولكن ماذا يهمني ذلك وقد عرفت بنفسي ومن أبي أن أمك من شريفات النساء؛ فلا أتطلع إلى ماضيها. - ولكن لا بد من معرفة ذلك الماضي. - لماذا؟ - لأن والد مودست موجود. - هل يعترف بها؟ - دون شك! فإن أمي زوجته وابنتها منه شرعية. - إذن لقد عرفت ما مضى؛ فإن أمك لم تكن على وفاق مع زوجها فاضطرت إلى الافتراق عنه والعيش من كسب يديها؛ لأن زوجها لم يكن من كرام الناس، ولكني أحب مودست، والعدل يقضي ألا يؤاخذ أحد بذنب سواه، فإذا كان هذا الذي حدث ... - كلا. - إذن ماذا؟ بل لنفرض أن الأب قد وصم بوصمة عار فإن بنته ستدعى باسمي وتعيش عيشا جديدا. - ما أكرم قلبك أيها الصديق،! ولكن الأب لم يتدنس ولا يمكن أن يوصم بوصمة عار، فاسمع كيف كان زواج أمي.
وقد روى له كل ما عرفه القراء من حكاية مرسلين دون أن يذكر له أسماء الكونت دي مونتكور وداغير وبوفور، فأصغى إليه أتم الإصغاء حتى إذا أتم حديثه قال له: أهذا كل ما تريد أن تقوله؟
قال: نعم.
قال: أتريد أن أحكم بما سمعت؟ إن أمك جديرة بحبك واحترامك؛ بدليل أنها عاشت عيش الشهداء، وكفى بتربية ولديها شاهدا، ولكنك لم تذكر لي اسم أبيك ولا اسم والد مودست، ولك أن تكتم اسم أبيك ولكني أود أن أعرف اسم والد أختك. - يحق لك أن تعرفه، ولا يحق لي أن أكتمه عنك. - من هو؟ - إن زوج أمي ووالد أختي هو ... - ما بالك وجمت؟ - إنه بيير بوفور. - رباه ... ماذا أسمع ... أهو قاتل أبي؟
Неизвестная страница