فقرأ، ثم أعاد القراءة، وقال: مودست ابنة بيير بوفور وزوجته مرسلين دي منتكور؟
فقالت له: إنك لم تقرأ خطأ يا بني. ثم قصت عليه حكايتها منذ عرفت بوفور إلى حين مقتل فولدن فولون.
فأصغى إليها أتم الإصغاء حتى إذا فرغت من حكايتها ركع أمامها، وجعل يقول : أماه، أماه إني أحترمك وأحبك.
فأخذت تشهق بالبكاء وهو يلاطفها؛ إلى أن سكن ما بها فقالت له: لماذا كشف لك سره وبأية مناسبة؟
قال: لا أستطيع أن أقول.
فنظرت إليه نظرة شك ولم تلح عليه بالسؤال لما تعرفه من صحة عزيمته، ولكنها قالت له: أعلمت الآن لماذا أبيت أن يقيم بوفور في منزلنا؟ أعلمت الآن لماذا قلت لك إن بوفور بريء حين قبضوا عليه؟ فهل لا تزال مشككا ببراءته؟ - لم يبق لي أقل أثر من الشك. - أتنقذه؟ - كيف؟ سأفرغ مجهودي في سبيل إنقاذه ما دام بريئا وهو زوجك وأنت تحبينه.
وهنا افترقا، فجعل جيرار يناجي نفسه فيقول: كيف أنقذه وهل أستطيع إنقاذه إلا إذا بحت بسر داغير؟ وكيف أبوح والإباحة محرمة علي؟ فهل توجد طريقة لإنقاذه غير هذه، وما هي، ومن يدلني عليها؟ أأدع ذلك الرجل الشريف البريء يحكم عليه وهو زوج أمي التي تحبه ويحبها وهو أبو أختي مودست؟ كلا، إن هذا محال ولكن كيف العمل؟
وقد لبث مدة على هذه الحالة من التردد والهياج، ثم برح المنزل على نية الذهاب إلى داغير؛ فلم يكد يخرج من المنزل حتى لقي كلوكلو واقفا أمام الباب ينتظره، فحياه وقال له: كيف حال أمك؟
قال: إنها محمومة كما تعلم. - أتريد أن أذهب إليها فأعودها؟ - أظن يا سيدي الطبيب، وأرجو ألا يسوءك قولي إنك تضرها بعيادتها أكثر مما تفيدها.
فلم يتمالك جيرار عن الابتسام بالرغم عما هو فيه من الشواغل، ودنا منه كلوكلو فقال له: أرجو أن تأذن لي يا سيدي الطبيب بكلمة، وهي أني أرى منذ نصف ساعة رجلا كبير اللحية يسير ذهابا وإيابا في هذا الشارع، وهو لا ينفك عن النظر إلى منزلكم. - أهذا كل شيء؟ - كلا؛ فإن هذا الرجل لا يزال في مكانه، وهو الآن ينظر إلينا، ألعلك تعرفه؟
Неизвестная страница