والنوع الثاني أفعال التصيير نحو: جعل ورد واتخذ ووصير ووهب؛ قال الله تعالى: ﴿فَجَعَلْنَاهُ هَبَاء مَّنثُورًا﴾ (٢٣) سورة الفرقان؛ ﴿لَوْ يَرُدُّونَكُم مِّن بَعْدِ إِيمَانِكُمْ كُفَّارًا﴾ (١٠٩) سورة البقرة؛ ﴿وَاتَّخَذَ اللهُ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلًا﴾ (١٢٥) سورة النساء؛ ونحو: صيرت الطين خزفًا؛ وقالوا: وهبني الله فداك، واعلم أن لأفعال هذا الباب ثلاثة أحكام: الأول: الإعمال وهو الأصل وهو واقع في الجميع؛ الثاني: الإلغاء وهو إبطال العمل لفظًا ومحملًا لضعف العامل بتوسطه أو تأخره نحو: زيد ظننت قائم؛ وزيد قائم ظننت؛ وهو جائز لا واجب، وإلغاء المتأخر أقوى من إعماله والمتوسط بالعكس؛ ولا يجوز إلغاء العامل المتقدم نحو ظننت زيدًا قائمًا خلافًا للكوفيين؛ والثالث: التعليق وهو إبطال العمل لفظًا لا محملا بمجيء ما له صدر الكلام بعده وهو لام الابتداء نحو: ظننت لَزيد قائمٌ؛ وما النافية نحو: ﴿لَقَدْ عَلِمْتَ مَا هَؤُلَاء يَنطِقُونَ﴾ (٦٥) سورة الأنبياء؛ ولا النافية نحو: علمت لا زيد قائم ولا عمرو؛ وإن النافية نحو: علمت والله إنْ زيدٌ قائمٌ؛ وهمزة الاستفهام نحو: علمت أزيد قائم أم عمرو؟ وكون أحد المفعولين اسم استفهام نحو: علمت أيهم أبوك؟ فالتعليق واجب إذا وجد شيء من هذه ولا يدخل التعليق ولا الإلغاء في شيء من أفعال التصيير ولا في فعل قلبي جامد وهو اثنان: هب وتعلم؛ فإنهما ملازمان صيغة المر وما عداهما من أفعال الباب يتصرف يأتي منه المضارع والأمر وغيرهما إلا هبَّ من أفعال التصيير فإنه ملازم لصيغة الماضي؛ ولتصارفهن ما لهن مما تقدم من الحكام؛ وتقدمت بعض أمثلة ذلك، ويجوز حذف المفعولين أو أحدهما لدليل نحو: ﴿أَيْنَ شُرَكَائِيَ الَّذِينَ كُنتُمْ تَزْعُمُونَ﴾ (٦٢) سورة القصص؛ لأي: تزعمون شركائي؛ وإذا قيل لك من ظننت قائمًا؟ فيقول: ظننت زيدًا، أي: ظننت زيدًا قائمًا.
1 / 30