Арабское чтение для девичьих школ
المطالعة العربية: لمدارس البنات
Жанры
إن الأطفال يحتاجون إلى تربية نفوسهم احتياجهم إلى تربية عقولهم؛ إذ بدون التربيتين لا يقوم الإنسان بما وجب عليه، ولا يكون لأعماله نظام يعرف.
وإن المعلم خير مثال يقتدي بأعماله وأخلاقه المتعلمون، فضلا عن تربيته عقولهم بما يلقيه من العلوم النافعة، فإذا تحلى بمحاسن الآداب، واتصف بالكمال فقد سار بتلاميذه في سبل السداد، ونهج بهم منهج النجاح، يأمرهم بالفضيلة، وينهاهم عن الرذيلة، فيشبون أناسا عقلاء أفاضل، يكبتون العدو، ويسرون الصديق.
لذلك وجبت طاعته واحترامه على المتعلمين، فينقادون له، ويصغون إليه، حتى إذا أشكل عليهم الأمر، ولم يمكنهم فهم ما يلقيه تلطفوا في السؤال عما أرادوا، غير معاندين ولا مسلمين، فإن عنادهم جحود لنعمته، وعدم مروءة؛ إذ إن المعاند يأتي بأدلة فاسدة، يحاول بها ستر الحقيقة، وهو يعلم بطلانها، فهو مخادع كاذب، أما المسلم فهو إما جبان لا يقوى على المجاهرة بما لديه، وإما غبي لا يفهم ما يلقى عليه، فهو يتبع آراء المعلم على غير علم بها.
هذا، ويجب أن يعرف المتعلم لمعلمه حق ماله عليه من الفضل، فيخفض له جناح الذل، ويخضع لسلطانه، ولا يقاوم غضبه، وإن كان محقا في جداله ؛ لأن من المروءة معرفة الفضل لأهله، ووقوف المرء عند حده، فلا يتكبر على من هو أرفع منه قدرا، بل يعظمه ويحترمه، لا سيما من له الفضل عليه، مثل الوالدين والمعلمين، هذا فضلا عن أن خضوع التلميذ لأستاذه يقربه منه، ويستميله إليه، فيبذل له مكنون صدره، ويتحفه بذخائر علمه، فيرقى سلم النجاح، وتخضع له الآمال. (18) الكسائي عند الرشيد
كان الكسائي يؤدب الأمين والمأمون ابني هارون الرشيد، فأراد يوما النهوض من عندهما، فابتدرا إلى نعله؛ ليقدماها له، فتنازعا أيهما يقدمها له، ثم اصطلحا على أن يقدم كل واحد منهما فردا منها، فلما رفع الخبر إلى الرشيد وجه إلى الكسائي، فلما دخل عليه قال له: من أعز الناس؟ قال: لا أعلم أعز من أمير المؤمنين. قال: بلى، إن أعز الناس من إذا نهض تقاتل على تقديم نعله له وليا عهد المسلمين حتى يرضى كل منهما أن يقدم له فردا منها. فأخذ الكسائي يعتذر حاسبا أنه أخطأ.
فقال الرشيد: لو منعتهما عن ذلك لأوجعتك لوما وعتبا، ولألزمتك ذنبا، وما وضع ما فعلا من شرفهما، بل رفع من قدرهما، وبين عن جوهرهما، ولقد تبينت مخيلة الفراسة بفعلهما، فليس يكبر المرء وإن كان كبيرا عن ثلاث: تواضعه لسلطانه، ولوالديه، ولمعلمه، ثم قال: وقد عوضتهما مما فعلا عشرين ألف دينار، ولك عشرة آلاف درهم على حسن أدبك لهما. (19) إصلاح العلم في أمريكا
كان يسكن أمريكا في الزمن الغابر الجنس الأحمر، وهم قوم متوحشون، كانوا يأوون إلى الجبال والغابات، ويأكلون من الحشائش البرية، أو من لحوم الحيوانات التي كانوا يفترسونها، ثم يستترون بجلودها، فكانوا عرضة لهجوم الوحوش عليهم، ونهبها نفوسهم، وكانوا لا يستغرقون في نومهم لشدة تخوفهم من تلك الوحوش حتى كانت آذانهم تتحرك وتتجه جهة الصوت؛ لكثرة تتبعهم الأصوات، حذرا من وثوب السباع عليهم، وقد أعماهم الجهل عن التمتع بخيرات بلادهم، مع ما كان فيها من المعادن النفيسة، كالذهب والفضة وغيرهما.
حتى إذا دخل الأسبانيون أرضهم بعد اكتشافها، وجدوا بها من الكنوز والذخائر ما بهرهم، وكانوا يستعملون الأمريكيين في نقلها إلى سفنهم كما تستعمل الحيوانات في حمل الأثقال، ذلك لجهل الأمريكيين، واتساع عقول الأسبانيين بالعلوم والمعارف.
ومن ثم دخل العلم أمريكا فما زالت تترقى حتى أصبحت من أحسن البلاد عمارة وتجارة وحضارة، وأصبح نساؤها من أفضل النساء علما ونشاطا في العمل حتى شاركن الرجال في كثير من الأعمال، وأحسن القيام بها، فمنهن الكاتبات البارعات، والمهندسات، والمحاميات، وغير ذلك.
ويحكى أن المهندس الذي شرع في عمل قنطرة بين نيويورك وبركلين مات قبل تتميم عمله، فحلت محله امرأته، وأتمت عمله على أحسن ما يرام من الإتقان، فنعم الذخر العلم؛ به يتقدم المتأخر، ويسود الوضيع، وتنال الآمال، وتصلح الأحوال. (20) وفاء السموءل
Неизвестная страница