وظنّها كوديرا زيادة في نسخة الجزائر على نسخة الإسكوريال (٢١٣٠ - ٢١٥٢)، حيث جعلها، في ملحق كتب له عنوانا قال فيه ما ترجمته: «تراجم في مخطوطة الجزائر غير موجودة في نسخة الإسكوريال». ثم عمل ملحقا ثانيا للزّيادات التي زادها الذهبيّ على ابن الأبّار، وظنّها زيادات في نسخة الجزائر على ما في نسخة الإسكوريال أيضا.
وكان الباحثون والمحقّقون والمخرّجون لتراجم الأندلسيّين جميعا يحيلون إلى هذه التراجم، باعتبارها تراجم من كتاب «التكملة» لابن الأبّار. وكذلك فعل جميع المحقّقين الذين أعادوا نشر «التكملة»، استنادا إلى طبعة كوديرا وما زاده محمد بن شنب. ولم يفطن أيّ واحد منهم إلى أنّ هذا الكتاب هو اختصار الذهبيّ لتكملة ابن الأبّار، فاشتبه الأمر عليهم والتبس، وغمّ عليهم واستبهم.
وتعود صلتي بهذه النّسخة إلى أقلّ من عام، حين رفع إليّ صديقي العالم الفاضل الكتبيّ القدير، الأستاذ الحاجّ حبيب اللّمسيّ رغبته - أرغب الله تعالى قدره - أن أعتني بتراجم الأندلسيّين، وصار يوفّر لي النّسخ الخطّية لأمّهات الكتب المعنيّة، لا يدّخر في هذا الأمر وسعا، ولا يصدّه عن تشوّفه لهذا الأمر وتطلّعه إليه صادّ، فضلا عن بذل وافر المال لبلوغ ما طوى عليه نيّته وحدا عليه عزمه، فكان من بينها هذا المجلّد في المكتبة الوطنية الجزائريّة برقم (١٧٣٥)، الذي كتب في بطاقته: «مجموع من كتاب التكملة لكتاب الصّلة».
وحين وقع نظري عليه، عرفت أنه بخطّ الذهبيّ الذي أدمنت عليه من قرابة خمسين عاما، ثم سرعان ما أدركت، حين سبرت أمره واختبرت حاله وقرأت بعض تراجمه، أنّه مختصره لكتاب «التكملة» لابن الأبّار، وأنه سمّاه «المستملح من كتاب التكملة»، فكان فرحي به لا يوصف، فالمختصر الإمام شمس الدّين أبو عبد الله محمد بن أحمد الذهبيّ فنان تراجميّ قلّ نظيره، وهو الثّقة المتقن الضابط، فكتابته مما يركن إليه ويوثق به، فضلا عن قدرة على الانتقاء والتتبع.
ومعلوم أنّ مختصرات الذهبيّ لم تكن اختصارات عادية يغلب عليها الجمود والنّقل، بل إنّ المطّلع عليها الدارس لها برويّة وإنعام نظر يجد فيها زيادات كثيرة، وتعليقات نفيسة، واستدراكات بارعة، وربما تصحيحات وتصويبات لمؤلّف الأصل إذا شعر بوهمه أو غلطه، فضلا عن مقارنات تدلّ على معرفته وتبحّره في فنّ
1 / 6