وقال ابن أبي الفوارس: كان أبو علي ثقة مأمونًا، ما رأيتُ مثله في التحرُّزِ.
توفي سنة (٣٥٩ هـ) وله تسع وثمانون سنة (١) .
وممن سَمِع " المسند " من ابن الحصين: المُسْنِد، المعمَّر، الصالح، أبو علي حنبل بن عبد الله بن الفرج بن سَعادة، الواسطي البغدادي، الرُّصافي، المكبِّر، وهو آخرُ من روى " المسند " عنه، فألحق الصغارَ بالكبار (٢) .
وُلِدَ سنة (٥١١ هـ)، فبادر والدُه إلى شيخ الإسلام عبد القادر الكيلاني، فأعلمه أنه وُلِدَ له وَلَدٌ ذكر فقال: سمِّ ابنك حنبلًا، وأسمِعْه " المسند " فإنه يُعَمَّر ويُحْتَاجُ إليه (٣) . فسمَّعه أبوه وهو في الثانية عشرة من عمره جميعَ " المسند " من ابنِ الحصين بقراءة نحويِّ عصره أبي محمد بن الخشَّاب،
وذلك في رجب وشعبان سنة (٥٢٣ هـ) (٤) .
قال ابن الأنماطي: تتبَّعتُ سماعَ حنبل للمسند من عدة نُسَخ وأَثبات، وخطوط أئمة أثبات، إلى أن شاهدتُ بها أصولَ سماعه لجميع " المسند " سوى أجزاء من مسند ابن عباس، شاهدت بها نَقْلَ سماعه بخط من يُوثَق به.
وسمعتُ منه جميعَ " المسند " ببغداد في نيف وعشرين مجلسًا، ثم أخذتُ أرغِّبُه في السفرِ إلى الشام، وقلتُ له: يَحصُلُ لك مِن الدنيا شيء، وتُقْبِلُ عليك وجوهُ الناس، فقال: دعني، فو الله ما أُسَافِرُ من أجلهم، ولا لما يحصُل منهم، إنما أسافر خدمةً لِرسول الله ﷺ، أروي أحاديثَه في بلدٍ لا تُرْوى.