الى رسول الحسين عليه السلام وخليفته في حاضرة الكوفة ليكون مرشدا ومهذبا ورادعا للأمة عما لا يتفق مع قدس الشريعة.
ولئن غاضينا ابن جرير على عدم معرفته بما حواه هذا البيت المنيع من رجالات الإصلاح ، فلسنا نسالمه على هذه البادرة التي نسبها الى مسلم الذي لم يعرف منزلته ، ولا مقدار عمله وما يتوخاه من أسمى الغايات ، وقد فاته أن الرواة أرادوا شيئا كشف المستقبل عن تفكك قياسه.
نعم كان مسلم عليه السلام يتفأل كما كان النبي صلى الله عليه وآله وأبناؤه الهداة يتفألون وذلك لما ارتحل من ذلك الماء أشرف على رجل يرمي ظبيا فصرعه فسره وتفأل بقتل عدوه (2).
ولئن فرح ابن زياد بالغلبة على رسول الحسين عليه السلام ، فقد « أخطأ الحفرة » ، فإن الظافر هو ابن عقيل كما تفأل ، إذ ليس الفتح إلا ما يترتب على تلك النهضة من تعريف الأمة نوايا اولئك المتأمرين عليها بالقهر والغلبة وقد أخذت الأمة بسبب ذلك القيام في وجه المنكر تتلو في كل زمان مخازي زياد وابنه ومن مكنهم من رقاب المسلمين وابنه ولئن سر ابن زياد الفتح العاجل فلقد أعقبه ندما ولات حين مندم يوم كثر اللوم عليه حتى من أهله وخاصته.
فإن أخاه عثمان قال له : وددت أن في أنف كل رجل من بني زياد خزي أمة ، وأنك تقتل حسينا ، فلم ينكر عليه عبيدالله. (3) وقالت له أمه مرجانه : ماذا صنعت مع الحسين ، وماذا فعلت؟ ، فلم يجبها بشيء (4) وبماذا يجيبها وللهتاف بخطأه وزلته دوي في آذانه؟ وأكد ذلك ما شاهده من النار الخارجة من بعض نواحي القصر قاصدة سريره فولى هاربا منها الى بعض بيوت القصر ، وعند ذلك تكلم الرأس الأزهر بصوت جهوري سمعه ابن زياد وبعض من حضر :
« الى أين تهرب يا ملعون فإن لم تنلك في الدنيا فهي في الآخرة مثواك » ولم يسكت الرأس حتى ذهبت النار ، وأدهش من في القصر لهذا الحادث
Страница 78