بعد الشهادة
غير خاف أن الغاية العقلية من الحرب والقتل ، محصورة بكف ضرر المودى به ، واتقاء شره ، والتقصير من مدى تأهبه لايذاء المقاتل ، ونصب العراقيل دون مسعاه ، فمتى غلب عليه بازهاق نفسه أمن القاتل من بلواه ، واطمأن مما كان يحذر منه ، وحينئذ تكون الزيادة على القتل بالهتك والمثلة ، خروج عن ناموس المروءة والعاطفة البشرية ، ولا يأتي به إلا من كان دني الأصل لئيم العنصر ؛ لأن الضرورات تقدر بقدرها ولا شيء أوفى لقمع الخطر والضرر من القتل ، إذا فالزيادة مذمومة عند العقلاء ، مبغوضة عند الشارع حتى في الحيوانات ، ففي حديث النبي صلى الله عليه وآله :
بل جاء النثي عن ضرب وجه الدابة لكون الزجر يحصل بما دونه.
ولذلك لم يذكر أحد من المؤرخين أن النبي في مغزيه مثل بالمشركين ولما تمكن أميرالمؤمنين عليه السلام من عمرو بن عبدود لم يمثل به كما لم يسلبه مع ما عليه من الكفر والإلحاد ، وفي وصيته للحسن عليه السلام لما ضربه ابن ملجم :
هذه وصايا الشريعة المطهرة باحترام الميت ولكن هل من مسلم يفقه هذه الدرر
Страница 149