كان يؤرقني مصير أخي الجنجويد آدم راشد، لا يمكن أن نأخذه معنا فالرحلة إلى نيالا بالأرجل، لقد قتلت الحمير أو هربت في الخلاء، ولا سيارات في القرية غير تراكتور حاج إدريس وقد تم حرقه كذلك، وآدم راشد لا يستطيع المشي ولا يمكن حمله، فبالإضافة إلى أنه سمين فهو لا يستحق ذلك؛ لأنه قاتل وناهب ومغتصب، وأيضا لا أستطيع تركه ليموت عطشا ونزفا؛ لأنه بصورة أو بأخرى أخي، كانت تنازعني مشاعر وأفكار متضاربة، وقلت لنفسي: دع الأشياء تمضي وفي اللحظات الأخيرة قد يأتي الحل، حدثتني زوجتي المسرورة التي تحصلت على كنزها أخيرا في قلته المدفونة في وسط القطية سالما أن نستعجل الرحيل، وخصوصا أن الليل أخذ يسدل أستاره وهو الوقت المناسب للرحيل، قلت لها: وآدم راشد؟
قالت لي، بصورة قاطعة: اقتله.
صرخت مندهشا؛ لأنني ما كنت أتوقع مثل هذه الإجابة منها، وهي تعرف علاقتي به، وأنه أخي في الرضاعة: أقتله أنا؟
قالت ببرود: أيوا، اقتله!
وعندما رأتني أستغرب ذلك أكدت لي أنه الحل الوحيد؛ لأنني حلفت أمام الناس ألا أدع أحدا يقتله والناس احترموا حليفتي، ولكني لم أحلف بأنني لم أقتله، وها هي طفلة زينب جبرين التي اغتصبها دون رحمة تموت نزفا، ولا يعلم الناس كم هي الأرواح التي أزهقها هذا الرجل قبل أن تصيبه طلقة طائشة من بندقية رفاقه وتعيقه، فإذا هو نجا الآن فسوف يعود إلى قتل الناس مرة أخرى، وأنا السبب والمسئول، هذا إذا لم تقتلني زينب بت جبرين بنفسها.
قلت لها بأنني لم أقتل إنسانا من قبل.
ردت علي بحزم وهي تنظر إلي في أم عيني: الشيء الذي لم تفعله قبلها أية امرأة من دارفور لزوجها، وقرأت في نظرتها شيئا مرعبا، ثم قالت من بين أسنانها: دا ما إنسان.
ثم أشارت لي بصورة ملتوية ولكنها واضحة تماما، بما يعني: إذا لم تكن رجلا بما يكفي لكي تقتله سوف أقتله أنا، لأول مرة في حياتي أعرف أن زوجتي آمنة هذه الزولة النحيفة الطويلة المنشغلة دائما بالبيت، الزرع، الرضاعة، إنجاب الأطفال وإعداد نفسها للفراش، تلك الرقيقة الحنينة في الفراش، أنها أيضا شر مستطير، والحق يقال: إنني خفت منها.
ورطتي
خرجنا من ضلاية في مجموعات ثلاث، عدد من الرجال الشباب في المقدمة، ثم النساء والأطفال ثم الرجال مرة أخرى، هذه الطريقة جنبتني نظرات زوجتي لحد ما أو لبعض الوقت، على الرغم من أنني أكدت لها بأنني قد قتلته إلا أنها كما هو واضح من رد فعلها لم تصدقني، وكانت تنظر إلي بنظرات الاحتقار ذاتها، ولكن الحقيقة التي سوف تعرفها زوجتي قريبا جدا، أو أنها عرفتها الآن من النساء أن زينب بت جبرين، أم الطفلة المغتصبة، عندما تسللت لقتل آدم راشد، لم تجده.
Неизвестная страница