أحضر المساعد «كوداما» التقرير الطبي، فسلمته لريوئتشي صامتا. أما «كوداما» الذي رآني أفعل ذلك السلوك لأول مرة فقد غادر المكان وهو مندهش.
قرأ ريوئتشي التقرير بتركيز شديد. ومن الطبيعي أن يقرأ بحماس أكثر الرسالة التي كتبتها «ريكو» لي مما كتبته أنا. وعلى ما يبدو أن محتوى الرسالة جعل ذلك الشاب يفطن إلى تهوره؛ وذلك لأن محتوى الرسالة يتناقض بوضوح مع محتوى اليوميات، فلا يبدو أن من كتبته امرأة تعامل معها الطبيب بتلك الصورة من الخلاعة منذ الجلسة الأولى للعلاج. وعرفت بوضوح أن «ريوئتشي» قد وقع في ورطة فجأة.
11
في ذلك اليوم عرض ريوئتشي علي أن نتقابل في الخارج على سبيل الاعتذار، ولكنني رفضت بشدة إلا أنني في النهاية اضطررت إلى أن أوافق، فقررنا أن يعزمني على شراب في الساعة السابعة - موعد إغلاق العيادة - في مطعم صغير بجوار العيادة، وثمل ريوئتشي تدريجيا فاعترف لي بالدافع إلى غضبه، تأثر قلبي من صراحة وصدق ذلك الشاب. لقد كان يملك قدرة عظيمة على التحليل النفسي لذاته لا تتناسب مع مظهره الخارجي الذي يبدو بسيطا ساذجا. ثم لم يكن ذلك الغضب مجرد غضب من الغيرة، ولكن إن استعرت كلمات ريوئتشي نفسه فهو لم يستطع تحمل أن: «تلك المرأة الباردة جنسيا تتجاوب في حماس وحرارة مع مداعبة طبيبها.»
كان كبرياء ذلك الشاب محطما إلى أشلاء، مع ما يبدو عليه من قوة بدنية في مظهره الخارجي. لقد كان رجلا يراهن بكل قواه على كبريائه الجنسية، مثل الشباب الذين يملئون المجتمع.
سوف أذكر فيما بعد محتوى نقاشنا أنا وريوئتشي، ولكن من خلال حديثنا معا كان الإحساس بأن المرأة المسماة «ريكو» تمثل لنا لغزا هو العامل المشترك لنا نحن الاثنين كرجال. لم يكن ثمة غبار أن تكون لغزا بالنسبة لريوئتشي، ولكن بالنسبة لي أنا، الطبيب النفسي، كان اللغز يمثل عارا.
لقد كنت حذرا تجاه نفسي التي بدأت تحمل تدريجيا شكوكا حول قدرتي وطبيعتي كمحلل نفسي، وكان ذلك يحدث لأول مرة لي أنا الواثق جدا من قدراتي.
في كتابه «العلاج المرتكز على المرضى» يناقش البروفيسور كارل روجرز بالتفصيل موقف المعالج النفسي تجاه المريض. ويؤكد في كتابه هذا أن المريض يكتشف «بديلا للأنا» في معناها الحقيقي داخل المعالج النفسي من حيث التقنية والممارسة. في النهاية يستطيع المريض الاعتراف بأي ذنب أو جريمة وهو مطمئن بسبب العلاقة العاطفية الحارة مع المعالج النفسي، ويولد ذلك الاعتراف شعورا بالراحة والأمان يجعله يتقبل ما فعله «بالاعتراف والتبجيل». فيجب على المعالج النفسي أن يصبح بديلا لذنوب المريض.
وليس أمامي إلا مراجعة النفس والتفكير؛ هل كنت حقا أملك ذلك الوعي الذاتي امتلاكا مؤكدا؟ ألم أخف داخلي مشاعر غير نقية متنوعة من الحياد البارد والفضول العلمي النفعي؟ ألم تكن «ريكو» حقا رسول السماء إلي لكي أعيد مراجعة نفسي تجاه هذا الإهمال؟
عندما وصلت إلى تلك النقطة من التفكير كنت قد انحرفت عن العلم ودخلت نطاق الأديان، وبالطبع هو موقف يجب علي أنا ألا أفعله، بالإضافة إلى أنه حتى المريض المعتاد كلما لاقى معاناة كان شعور القتال لدي يشتعل، ولكن «ريكو» كان لديها قوة ساحرة تفقدني حماسي للقتال.
Неизвестная страница