Проблемы с незнакомцами: Исследование в философии морали
مشكلات مع الغرباء: دراسة في فلسفة الأخلاق
Жанры
18
وإن كان الحس الأخلاقي الغامض يقترب من الملكة الجمالية، فليس السبب في ذلك أن الفضيلة مسألة ذوق؛ بل لأنه - كالفن - يحمل قيمته في ذاته وليس في قضية عقاب أو ثواب أو التزام أو مصلحة شخصية أو تشريع إلهي. وفي الحقيقة قد تصح هذه المقارنة على نطاق أوسع؛ إذ إن الفضيلة والفن كلاهما يتضمن ملكة تتجاوز نطاق المنطق البحت، وكلاهما يتعلق بالسرور والإشباع الذاتي. وكلا النشاطين يتعاملان مع الحس والإدراك (وهو المعنى الأصلي لكلمة
Aesthetic
أو جمالي في الإنجليزية)، وكلاهما يستحضر الخيال المنزه عن المصلحة أو المتعاطف.
يكتب هتشسون قائلا: «يستحسن الناس الخير الذي يكون دون مقابل أو مصلحة أيما استحسان.»
19
فيقول إنك لو كنت تسعى فعلا للمتعة، فدعك من رضاك الشخصي وانصهر في اتحاد خيالي مع الحياة العاطفية للآخرين. وستكون النتيجة شعورا باللذة أقوى مما عداه طالما فهم أن التعاطف مع الآخرين من أجل تحصيل السرور الناتج عنه وحده يأتي بنتائج عكسية، فهذا يشبه شرب الخمر لمجرد السكر، وهو ما سيذهب على الأرجح لذتك به على المدى الطويل؛ فالفضيلة باختصار تخلو من العائد وتحقق رضا النفس وتحمل غايتها في ذاتها وتتخطى حدود العقل، وهي العدو اللدود للمصلحة الشخصية. وهي بذلك تمثل نقدا للنظام الاجتماعي الذي ترجح فيه كفة النفع على المتعة، ويعتبر فيه التفكير عملية حسابية ، وتكاد اللذة تكون إثما، وتسود فيه المصلحة الشخصية ولا يكاد يفعل فيه شيء لذاته، فمثل هذا المجتمع لا يدرك أن انعدام الغرض - كما قد يقول أوسكار وايلد - ضرب من التقوى. إلا أن علينا أن نضيف أن الفضيلة إن كانت هي المكافأة في ذاتها فهي إذن عقيدة غاية في الملائمة تحظى بإجلال أخلاقي؛ حيث إنها من المرجح أنها تجني جزاء ثمينا آخر في العالم الذي صنعناه؛ فهي كالمتشردين الذين ينتهي بهم الحال في مناصب وزارية، فحصول الصالحين والطالحين كل على جزائه الذي يستحقه يزيد الآن اقتصاره على الرواية، وحتى الرواية غالبا ما تأتي بمفارقة مناسبة حيالها. صحيح كذلك أن النظرية القائلة إن الفضيلة يجب أن تحقق المنفعة صدمت الفكر الأرستقراطي نوعا ما في القرن الثامن عشر باعتبارها نظرية سوقية لا سبيل إلى تقويمها.
إن التنزه عن المصلحة - ذلك الوحش المرعب لدى اليسار الثقافي المعاصر - تحول لشكل من أشكال المقاومة لعالم التجارة على يد هتشسون؛ فالفردية التملكية لا يمكنها تفسير «الأفعال الأساسية التي تشكل أركان الحياة البشرية؛ كالصداقة والعرفان والعواطف الطبيعية والكرم وروح الخدمة العامة والرحمة.»
20
إذ يبين هتشسون أنه في المشاريع المشتركة بين التجار تقاطع للمصالح لكن لا عاطفة بالضرورة؛ فالتاجر عندها لا يعنى بسلوك أقرانه إلا لأن مصالحه نفسها محل اعتبار. أما بين الآباء والأبناء في المقابل فتوجد عاطفة لكن لا تقاطع للمصالح؛ فالأبوان لا يسقيان أولادهما ليرويا عطشهما هما؛ فالتنزه عن المصلحة ليس صورة من التجرد الزائف، بل مسألة إسقاط للنفس بقوة الخيال التعاطفي في احتياجات الآخرين ومصالحهم. وبوصفه شأنا أخلاقيا وإدراكيا معا،
Неизвестная страница