Золотые луга и шахты драгоценностей
مروج الذهب ومعادن الجوهر
لقريب من الهلاك كما ... أهلك سابور بالسواد أيادا وقد كان سابور في مسيره في البلاد أتى على بلاد البحرين، وفيها يومئذ بنوتميم، فأمعن في قتلهم، وفرت بنوتميم، وشيخها يومئذ عمروبن تميم بن مر، وله يومئذ ثلثمائة سنة، وكان يعلق في عمود البيت في قفة قد اتخذت له، فأرادوا حمله، فأبى عليهم إلا أن يتركوه في ديارهم، وقال: أنا هالك اليوم أو غدا، وماذا بقي لي من فسحة العمر؟ ولعل الله ينجيكم بي من صولة هذا الملك المسلط على العرب، فخلوا عنه، وتركوه على ما كان عليه، فصبحت خيل سابور الديار، فنظروا إلى أهلها وقد ارتحلوا، ونظروا إلى قفة معلقة في شجرة، وسمع عمرو صهيل الخيل ووقعها، وهمهمة الرجال، فأقبل يصيح بصوت ضعيف، فأخذوه، وجاءوا به إلى سابور، فلما وضع بين يديه نظر إلى دلائل الهرم ومرور الأيام عليه ظاهرة، فقال له سابور: من أنت أيها الشيخ الفاني. قال: أنا عمروبن تميم بن مر، وقد بلغت من العمر ما ترى، وقد هرب الناس منك لإسرافك في القتل وشدة عقوبتك إياهم، وآثرت الفناء على يديك ليبقى من مضى من قومي، ولعل الله ملك السماوات والأرض يجري على يديك فرجهم، ويصرفك عما أنت بسبيله من قتلهم، وأنا سائلك عن أمر إن أذنت لي فيه، فقال له سابور: قل يسمع منك، فقال له عمرو: ما الذي يحملك على قتل رعيتك ورجال العرب؟ فقال سابور: أقتلهم لما أرتكبوا من أخذ بلادي وأهل مملكتي، فقال عمرو: فعلوا ذلك ولست عليهم بقيم، فلما بلغت وقفوا عما كانوا عليه من الفساد هيبة لك، قال سابور: أقتلهم لأنا ملوك الفرس نجد في مخزون علمنا وما سلف من أخبار أوائلنا أن العرب ستدال علينا، وتكون لهم الغلبة على ملكنا، فقال عمرو: هذا أمر تتحققه أم تظنه، قال: بل اتحققه ولا بد أن يكون ذلك، قال له عمرو: فإن كنت تعلم ذلك فلم تسيء إلى العرب؟ والله لأن تبقي على العرب جميعا وتحسن إليهم فيكافئون عند إدالة الدولة لهم قومك بإحسانك، وإن أنت طالت بك المدة كافأوك عند مصير الملك إليهم، فيبقون عليك وعلى قومك، وإن كان الأمر حقا كما تقول فهو أحزم في الرأي، وأنفع في العاقبة، وإن كان باطلا فلم تتعجل الإثم وتسفك دماء رعيتك؟ فقال سابور: الأمر صحيح، وهو كائن لكم، والرأي ما قلت، ولقد صدقت في القول، ونصحت في الخطاب، فنادى منادي سابور بأمان الناس، ورفع السيف، والكف عن قتلهم، ويقال: إن عمرا بقي في هذا العالم بعد هذا الوقت ثمانين سنة، وقيل: أقل من ذلك، والله أعلم.وسار سابور نحو بلاد الشام، فافتتح المدن، وقتل خلائق من الروم، ثم طالبته نفسه بالدخول إلى أرض الروم متنكرا ليعرف أخبارهم وسيرهم، فتنكر، وسار إلى القسطنطينية، فصادف وليمة لقيصر قد اجتمع فيها الخاص والعام منهم، فدخل في جملتهم، وجلس جملى بعض موائدهم، وقد كان قيصر أمر مصورا أتى عسكر سابور فصوره له، فلما جاء قيصر بالصورة أمر بها فصورت على آنية الشراب من الذهب والفضة، وأتى من كان على المائدة التي عليها سابور بكأس، فنظر بعض الخدم إلى الصورة التي على الكأس وسابور مقابل له على المائحة، فعجب من اتفاق الصورتين، وتقارب الشكلين، فقام إلى المللك، فأخبرة، فأمر به، فمثل بين يديه غ فسأله عن خبره، فقال: أنا من أساورة سابور استحققت العقوبة لأمر كان مني، فدعاني ذلك إلى الدخول إلى أرضكم، فلم يقبل ذلك منه، وقئدم إلى السيف فأقر، فجعله في جلد بقرة، وسارقيصر في جنوده حتى توسط العراق، وافتتح المدائن، وشن الغارات، وعضد النخل، وانتهى إلى مدينة جندي يسابور، وقد تحصن بها وجوه فارس، فنزل عليها وحضر عيد لهم في تلك الليلة التي أشرفوا على فتح المدينة في صبيحتها، فأغفل الموكلون أمر سابور، وأخذ الشراب منهم، وكان بالقرب من سابور جماعة من أساري الفرس، فخاطبهم أن يحل بعضهم بعضا، وشجعهم، وأمرهم أن يصبوا عليه زقاقا من الزيت كانت هناك ففعلوا، فلان عليه الجلد وتخلص، وأتى المدينة وهم يتحارسون على سورها فخاطبهم، فعرفوه ورفعوه بالحبال إليهم، ففتح أبواب خزائن السلاح، وخرج بهم ففرقهم حول مواضع من الجيش، والروم غارون مطمئنون، فكبس الجيش عند ضرب النواقيس، فأتوه بقيصر أسيرا، فاستحياه وأبقى عليه، وضم إليه من أفلت من القتل من رجاله، فغرس قيصر بالعراق الزيتون بدلا مما عضده من النخل فيها.، ولم يكن يعهد بالعراق الزيتون قبل ذلك، وبنى شاذروان مدينة تستر لنهرها، والشاذروان هو المسناة العظيمة، والكرمن الحجر والحديد والرصاص، وعمر ما أخرب، في أخبار يطول ذكرها، وانصرف قيصر نحو الروم.وقد ذكر في بعض الأخبار أن سابور ربق قيصر، وقطع أعصاب عقبيه أو رقمها، وأن الروم لا تربق دوابها، ولا تلبس الخفاف المعقبة،وفي ذلك يقول الحارث بن جندة المعروف بالهرمزان: الزيتون قبل ذلك، وبنى شاذروان مدينة تستر لنهرها، والشاذروان هو المسناة العظيمة، والكرمن الحجر والحديد والرصاص، وعمر ما أخرب، في أخبار يطول ذكرها، وانصرف قيصر نحو الروم.وقد ذكر في بعض الأخبار أن سابور ربق قيصر، وقطع أعصاب عقبيه أو رقمها، وأن الروم لا تربق دوابها، ولا تلبس الخفاف المعقبة،وفي ذلك يقول الحارث بن جندة المعروف بالهرمزان:
هم ملكوا جميع الناس طرا ... وهم ربقوا هرقلا بالسواد
وهم قتلوا أبا قابوس غصبا ... وهم أخفوا البسيطة من إياد
وفي فعل سابور وتغريره بنفسه في دخوله إلى أرض عدوه متجسسا يقول بعض المتقدمين من شعراء أبناء فارس:
وكان سابورصفوا في أرومته ... أختيرعنها فأضحى غيرمختار
إذكان بالروم جاسوسأ يجول به ... حزم المنية من في كيد مكار
فاستأسروه وكانت كبوة عجبا ... وزلة سبقت من غيرعثار
فأصبح الملك الرومي معترضا ... أرض العراق على هول وأخطار
فراطن الفرس بالأبواب فافترقوا ... كما تجاوب أسد الغاب في الغار
فجذ بالسيف أمرالروم فامتحقوا ... لله لحرك من طلاب أوتار
إذيغرسون من الزيتون ماعضدوا ... من النخيل وما حفوا بمنشار
إيوان كسرى
وغزا سابور بعد ذلك بلاد الجزيرة وامد وغيرها من بلاد الروم، ونقل خلقأ من أهلها، وأسكنهم بلاد السوس وتستر وغيرها من مدن كور الأهواز، فتناسلوأ وقطنوا تلك الديار، فمن ذلك الوقت صار الديباج التستري وغيره من أنواع الحرير يعمل بتستر، والخز بالسوس، والستور والفرش ببلاد نصيبين، ومكث إلى هذه الغاية، وقد كان من قبله من ملوك الساسانية وكثير ممن سلف من فارس الأولى يسكن بطيسون، وذلك بغربي المدائن من أرض العراق، فسكن سابور في الجانب الشرقي من المدائن، وبنى هناك الإيوان المعروف بإيوان كسرى إلى هذه الغاية، وقد كان أبرويزبن هرمز أتم مواضع من بناء هذا الإيوان، وقد كان الرشيد نازلا على دجلة بالقرب من الإيوان، فسمع بعض الخدم من وراء السرادق يقول لآخر: هذا الذي بنى هذا البناء ابن كذا وكذا أراد أن يصعد عليه إلى السماء، فأمر الرشيد بعض الأستاذين من الخدم أن ضربه مائة عصا، وقال لمن حضره: إن الملك نسبة، والملوك به إخوة، وإن الغيرة بعثتني على أدبة لصيانة الملك، وما يلحق الملوك للملوك.وذكر عن الرشيد بعد القبض على البرامكة أنه بعث إلى يحيى بن خالد بن برمك، وهو في اعتقاله، يشاوره في هدم الإيوان، فبعث إليه: لا تفعل، فقال الرشيد لمن حضره: في نفسه لمجوسية، والحنو عليها، والمنع من إزالة آثارها، فشرع في هدمه، ثم نظر فإذا يلزمه في هدمه أموال عظيمة لا تضبط كثرة، فأمسك عن ذلك، وكتب إلى يحيى يعلمه ذلك، فأجابه بأن ينفق في هدمه ما بلغ من الأموال، ويحرص على فعله، فعجب الرشيد من تنافي كلامه في أوله وآخره، فبعث إليه يسأله عن ذلك، فقال: نعم، أما ما أشرت به في الأول فإني أردت بقاء الذكرلأمة الإسلام وبعد الصيت، وأن يكون من يرد في الأعصار ويطرأ من الأمم في الأزمان يرى مثل هذا البنيان العظيم فيقول: إن أمة هذا بنيانها فأزالت رسومها واحتوت على ملكها،لأمة عظيمة شديحة منيعة، وأما جوابي الثاني فأخبرت أنه قد شرع في هدمه ثم عجز عنه، فأردت نفي العجز عن أمة الإسلام؟ لئلا يقول من وصفت ممن يرد في الأعصار:إن هذه الأمة عجزت عن هدم ما بنته فارس، فلما بلغ الرشيد ذلك من كلامه قال: قاتله الله تعالى! فما سمعته قال شيئا قط إلا صدق فيه، وأعرض عن هدمه، وسابور هو الذي بنى مدينة نيسابور ببلاد خراسان وغيرها بفارس والعراق.
أردشير
Страница 113