Золотые луга и шахты драгоценностей

Аль-Масуди d. 346 AH
115

Золотые луга и шахты драгоценностей

مروج الذهب ومعادن الجوهر

قال االمسعودي: لما قتل الإسكندر فور صاحب مدينة المانكير من ملوك الهند، وانقاد إليه جميع ملوك الهند، على حسب ما ذكرناه من حمل الأموال والخراج إليه فبلغه أن في أقاصي أرض الهند ملكا من ملوكهم ذا حكمة، وسياسة وديانة، وإنصاف للرعية، وأنه قد أتى عليه من عمره مئون من السنين وأنه ليس بأرض الهند من فلاسفتهم وحكمائهم مثله، يقال له كند، وكان قاهرا لنفسه، مميتا لصفاته من الشهوية والغضبية وغيرها، حاملا لها على خلق كريم، وأدب زائن: فكتب إليه كتابا يقول فيه: أما بعد، فإذا أتاك كتابي هذا فإن كنت قائما فلا تقعد، وإن كنت ماشيا فلا تلتفت، وإلا مزقت ملكك، ولحقتك بمن مضى من ملوك الهند، فلما ورد عليه الكتاب أجاب الإسكندر أحسن جواب، وخاطبه بملك الملوك، وأعلمه أنه قد اجتمع له قبله، أشياء لا يجتمع عند غيره مثلها إلا من صارت إليه عنه فمن ذلك ابنة له لم تطلع الشمس على أحسن صورة منها، وفيلسوف يخبرك بمرادك قبل أن تسأله لحدة مزاجه، وحسن قريحته، واعتدال بنيته، واتساعه في علمه، وطبيب لا تخشى معه داء، ولا شيئا من العوارض، إلا ما يطرأ من الفناء والدثور الواقع بهذه البنية، وحل العقدة التي عقدها المبدع لها المخترع لهذا الجسم الحسي، وإن كانت بنية الإسنان وهيكله قد نصبت في هذا العالم غرضا للأفات والحتوف والبلايا، وقدح عندي إذا أنا ملأته شرب منه عسكرك بجمعه ولا ينقص منه شيء، ولا يزيده الوارد عليه إلا دهاقا، وأنا منفذ جميع ذلك إلى الملك، وصائر إليه، فلما قرأ الإسكندر هذا الكتاب ووقف على ما فيه قال: تكون هذه الأشياء الأربعة عندي، ونجاة هذا الحكيم من صولتي أحب من أن لا تكون عندي ويهلك، فأنفذ إليه الإسكندر جماعة من حكماء اليونانيين والروم. في عدة من الرجال، وتقدم إليهم: إن كان صادقا فيما كتب به فاحملوا ذلك إلي، ودعوا الرجل في موضعه، وإن تبينتم أن الأمر بخلاف ذلك وأنه أخبر عن الشيء على خلاف ما هو به فقد خرج عن حد الحكمة فأشخصوه إلي، فمضى القوم حتى انتهوا إلى الملك فتلقاهم بأحسن لقاء، وأنزلهم أحسن منزل، فلما كان في اليوم الثالث جلس لهم مجلسا خاصا للحكماء منهم دون من كان معهم من المقاتلة، فقال بعض الحكماء لبعض: إن صدقنا في الأولى صدقنا فيما بعدها مما ذكر، فلما أخذت الحكماء مراتبها، واستقرت بها مجالسها، أقبل عليهم مباحثا لهم في أصول الفلسفة والكلام في الطبيعيات وما فوقها من الإلهيات، وعلى شماله جماعة من حكمائه وفلاسفته، فطال الخطب في المبدأ الأول، وتشاح القوم، ونظروا في موضوعات العلماء وترتيبات الحكماء على غير مراء وتناهى بهم الكلام إلى غاية كان إليها صدورهم من العلويات، ثم أخرج الجارية فلما ظهرت لأبصارهم رمقوها بأعينهم فلم يقع طرف واحد منهم على عضو من أعضائها مما ظهر فأمكنه أن يتعدى ببصره إلى غيره، وشغله تأمل ذلك وحسنه وحسن شكلها وإتقان صورتها، فخاف القوم على عقولهم لما ورد عليهم عند النظر إليها، ثم إن كل واحد منهم رجع إلى نفسه وفهمه وقهر سلطان هواه دواعي طبعه، ثم أراهم بعد ذلك ما تقدم الوعد به، وسيرهم وسير الفيلسوف والطبيب والجارية والقدح معهم، وشيعهم مسافة من أرضه، فلما وردوا على الإسكندر أمر بإنزال الطبيب والفيلسوف، ونظر إلى الجارية، فحار عند مشاهدتها، وبهرت عقله، وأمر قيمة جواريه بالقيام عليها، ثم صرف همته إلى الفيلسوف وإلى علم ما عنده، وإلى علم الطبيب ومحله من صنعة الطب وحفظ الصحة، وقص الحكماء عليه ما جرى لهم من المباحثة مع الملك الهندي، ومن أحضره من فلاسفته وحكمائه، فأعجبه ذلك، وتأمل أغراض القوم ومقاصدهم والغاية التي إليها كان أصدرهم، وأقبل ينظر إلى مطاردة الهند في عللها ومعلولاتها وما يصفه اليونانيون من عللها وصحة قياسها على ما قدمنا من أوضاعها، ثم أراد محنة الفيلسوف على حسب ما أخبر عنه، وأجال فكره، فسنح له سانح من الفكر بإيقاع معنى يختبره به، فدعا بقدح فملأه سمنا وأدهقه ، ولم يجعل للزيادة عليه سبيلا، ودفعه إلى رسول له، وقال له: امض به إلى الفيلسوف، ولا تخبره بشيء، فلما ورد الرسول بالقدح ودفعه إلى الفيلسوف قال بصحة فهمه وتبينه للأمور المتقنة المحكمة في نفسه: لأمر ما بعث هذا الملك الحكيم بهذا السمن إلي، وأجال فكره، وسبر المراد به، ثم دعا بنحو ألف إبرة فغرز أطرافها في السمن، وأنفذها إلى الإسكندر، فأمر الإسكندر بسبكها كرة مدورة ململمة متساوية الأجزاء، وأمر بردها إلى الفيلسوف، فلما نظر إليها الفيلسوف وتأمل فعل الإسكندر فيها أمر ببسطها، وبأن يتخذ منها مرآة بحضرته،. وصقلها، فصارت جسما صقيلا ترد صورة من قابلها من الأشخاص لشدة صفائها، وزوال الدرن عنها، وأمر بردها إلى الإسكندر، فلما نظر إليها، وتأمل حسن صورته فيها، دعا بطست فجعل المرآة فيه، وأمر بإراقة الماء فيه عليها حتى رسبت فيه، وأمر بحمل ذلك إلى الفيلسوف، فلما نظر الفيلسوف إلى ذلك أمر بالمرآة فجعل منها مشربة كالطر جهارة، وجعلها في الطست فوق الماء، فطفت فوقه، وأمر بردها إلى الإسكندر، فلما نظر الإسكندر إلى ذلك أمر بتراب ناعم فملئت منه، وردها إلى الفيلسوف، فلما نظر الفيلسوف إلى ذلك تغيرلونه وحال، وجزع وتغيرت صفاته، وأسبل دموعه على صحن خده، وكثر شهيقه، وطال أنينه، وظهر حنينه، وأقام بقية يومه غير منتفع بنفسه، ثم أفاق من ذلك الحال، وزجر نفسه، وأقبل عليها كالمعاتب لها وقال: ويحك يا نفس ما الذي قذف بك في هذه السدفة وأصارك إلى هذه الغمة، ووصلك بهذه الظلمة؟ أنسيت وأنت في النورتسرحين وفي العلوم تمرحين، وتنظرين في الضياء الصادق، وتنفسحين في العالم المشرق. أنزلت إلى عالم الظلم والمعاندة، والغشم والمفاسدة، تخطفك الخواطف، وتنتهرك العواصف، قد حرمت علم الغيوب، والكون في العالم المحبوب، ورميت بشدائد الخطوب، ورفضت كل مطلوب، أين مصادرك الطبية وراحتك القوية؟ حللت في الأجساد، فقوي عليك الكون والفساد، حللت يا نفس بين السباع القاتلة والأفاعي المهلكة، والمياه الحاملة والنيران المحرقة، والريح العاصفة، وصيرتك الأعمار في قرارات الأجسام، لا تشاهدين إلا غافلا، ولا ترين إلا جاهلا، قد زهد في الخيرات ورغب عن الحسنات، ثم رفع طرفه نحو السماء فرأى النجوم تزهر، فقال بأعلى صوته: يالك من نجوم سائرة، وأجسام زاهرة، من عالم شريف طلعت، ولشيء ما وضعت، إنك من عالم نفيس قد كانت النفس في أعاليه ساكنة، وفي أكنافه قاطنة، فقد أصبحت عنه ظاعنة، ثم أقبل على الرسول صلى الله عليه وسلم وقال: خذه ورده إلى الملك، يعني التراب، ولم يحدث فيه حادثة، فلما ورد الرسول صلى الله عليه وسلم على الإسكندر أخبره بجميع ما شهده، فتعجب الإسكندر من ذلك، وعلم مرامي الفيلسوف ومقاصده وغاية مراده فيما وقع بالنفوس من النقلة مما علا من العوالم إلى هذا العالم.ولما كان في صبيحة تلك الليلة جلس له الإسكندر جلوسا خاصا،ودعا به، ولم يكن رآه قبل، ذلك، فلما أقبل ونظر إلى، صورته وتأمل، قامته، ثم دعا بنحو ألف إبرة فغرز أطرافها في السمن، وأنفذها إلى الإسكندر، فأمر الإسكندر بسبكها كرة مدورة ململمة متساوية الأجزاء، وأمر بردها إلى الفيلسوف، فلما نظر إليها الفيلسوف وتأمل فعل الإسكندر فيها أمر ببسطها، وبأن يتخذ منها مرآة بحضرته،. وصقلها، فصارت جسما صقيلا ترد صورة من قابلها من الأشخاص لشدة صفائها، وزوال الدرن عنها، وأمر بردها إلى الإسكندر، فلما نظر إليها، وتأمل حسن صورته فيها، دعا بطست فجعل المرآة فيه، وأمر بإراقة الماء فيه عليها حتى رسبت فيه، وأمر بحمل ذلك إلى الفيلسوف، فلما نظر الفيلسوف إلى ذلك أمر بالمرآة فجعل منها مشربة كالطر جهارة، وجعلها في الطست فوق الماء، فطفت فوقه، وأمر بردها إلى الإسكندر، فلما نظر الإسكندر إلى ذلك أمر بتراب ناعم فملئت منه، وردها إلى الفيلسوف، فلما نظر الفيلسوف إلى ذلك تغيرلونه وحال، وجزع وتغيرت صفاته، وأسبل دموعه على صحن خده، وكثر شهيقه، وطال أنينه، وظهر حنينه، وأقام بقية يومه غير منتفع بنفسه، ثم أفاق من ذلك الحال، وزجر نفسه، وأقبل عليها كالمعاتب لها وقال: ويحك يا نفس ما الذي قذف بك في هذه السدفة وأصارك إلى هذه الغمة، ووصلك بهذه الظلمة؟ أنسيت وأنت في النورتسرحين وفي العلوم تمرحين، وتنظرين في الضياء الصادق، وتنفسحين في العالم المشرق. أنزلت إلى عالم الظلم والمعاندة، والغشم والمفاسدة، تخطفك الخواطف، وتنتهرك العواصف، قد حرمت علم الغيوب، والكون في العالم المحبوب، ورميت بشدائد الخطوب، ورفضت كل مطلوب، أين مصادرك الطبية وراحتك القوية؟ حللت في الأجساد، فقوي عليك الكون والفساد، حللت يا نفس بين السباع القاتلة والأفاعي المهلكة، والمياه الحاملة والنيران المحرقة، والريح العاصفة، وصيرتك الأعمار في قرارات الأجسام، لا تشاهدين إلا غافلا، ولا ترين إلا جاهلا، قد زهد في الخيرات ورغب عن الحسنات، ثم رفع طرفه نحو السماء فرأى النجوم تزهر، فقال بأعلى صوته: يالك من نجوم سائرة، وأجسام زاهرة، من عالم شريف طلعت، ولشيء ما وضعت، إنك من عالم نفيس قد كانت النفس في أعاليه ساكنة، وفي أكنافه قاطنة، فقد أصبحت عنه ظاعنة، ثم أقبل على الرسول صلى الله عليه وسلم وقال: خذه ورده إلى الملك، يعني التراب، ولم يحدث فيه حادثة، فلما ورد الرسول صلى الله عليه وسلم على الإسكندر أخبره بجميع ما شهده، فتعجب الإسكندر من ذلك، وعلم مرامي الفيلسوف ومقاصده وغاية مراده فيما وقع بالنفوس من النقلة مما علا من العوالم إلى هذا العالم.ولما كان في صبيحة تلك الليلة جلس له الإسكندر جلوسا خاصا،ودعا به، ولم يكن رآه قبل، ذلك، فلما أقبل ونظر إلى، صورته وتأمل، قامته وخلقته، نظر إلى رجل طويل الجسم، رحب الجبين، معتدل البنية، فقال في نفسه: هذه بنية تضاد الحكمة، فإذا اجتمع حسن الصورة وحسن الفهم كان أوحد زمانه، ولست أشك أن هذا الشخص قد اجتمع له الأمران جميعا، فإن كان هذا الشخص قد علم كل ما راسلته به، وأجابني عليه من غير مخاطبة ولا موافقة ولا مباحثة، فليس في وقته أحد يدانيه في حكمته، ولا يلحقه في علمه، وتأمل الفيلسوف الإسكندر فأدار أصبعه السبابة على وجهه، ووضعها على أرنبة أنفه، وأسرع نحو الإسكندر وهو جالس على غير سرير ملكه، فحياه بتحية الملوك ، فأشار إليه الإسكندر بالجلوس، فجلس حيث أمره، فقال له الإسكندر: ما بالك حين نظرت إلي. ورميت بطرفك نحوي أدرت أصبعك حول وجهك ووضعتها على أرنبة أنفك. قال: تأملتك أيها الملك بنورية عقلي وصفاء مزاجي، فتبينت فكرتك في، وتأملك لصورتي، وأنها قلما تجتمع مع الحكمة، فإذا كان ذلك كان صاحبها أوحد أهل زمانه، فأعرت أصبعي مصداقا لما سنح لك، وأريتك مثالا شاهدا، كما أنه ليس في الوجه إلا أنف واحد فكذلك ليس في دار مملكة الهند غيري، ولا يلحق أحد من الناس بي في حكمتي، فقال له الاسكندر: ما أحسن ما تأتى لك ما ذكرت، وانتظم لك بحسن الخاطر ما وصفت، فدع عنك هذا، وأخبرني ما بالك حين أنفذت إليك قدحا مملوءا سمنا غرزت فيه إبرا ورددته إلي؟ قال الفيلسوف: علمت أيها الملك أنك تقول: إن قلبي قد أمتلأ وعلمي قد أنتهى كامتلاء هذا الإناء من السمن، فليس لأحد من الحكماء فيه مستزاد، فأخبرت الملك أن علمي سيزيد في علمك، ويدخل فيه دخول هذه الإبر في هذا الإناء، قال: فأخبرني ما بالك حين عملت من الإبر كرة وأنفذتها إليك صيرتها مرآة ورددتها إلي صقيلة، قال: قد علمت أيها الملك أنك تريد أن قلبك قد قسا من سفك الدماء والشغل بسياسة هذا العالم كقسوة هذه الكرة، فلا يقبل العلم، ولا يرغب في فهم الغايات في العلوم والحكمة، فأخبرتك مجيبا متمثلا بسبك الكرة والحيلة في أمرها بجعلي منها مرآة صقيلة مؤدية إلى الأجسام عند المقابلة لحسن الصفاء، قال له الإسكندر: صدقت، قد أجبتني عن مرادي، فأخبرني أيها الفيلسوف حين جعلت المرآة في الطست ورسبت في الماء: لم جعلتها قدحا فوق الماء طافية ثم رددتها الي، قال الفيلسوف: علمت أنك تريد بذلك أن الأيام قد انقضت وقصرت، والأجل قد قرب، ولا يدرك العلم الكثير في المهل القليل، فأجبت الملك متمثلا أني ساعمل الحيلة في إيراد العلم الكثير في المهل القليل إلى قلبه وتقريبه من فهمه، كاحتيالي للمرآة من بعد كونها راسبة في الماء حتى جعلتها طافية عليه، قال له الاسكندر: صدقت فأخبرني ما بالك حين ملأت الإناء ترابا رددته إلي ولم تحدث فيه حادثة كفعلك فيما سلف، قال: علمت أنك تقول: ثم الموت وأنه لا بد منه، ثم لحوق هذه البنية بهذا العنصر البارد اليابس الثقيل الذي هو الأرض، ودثورها وتفرق أجزائها ومفارقة النفس الناطقة الصافية الشريفة اللطيفة لهذا الجسد المرئي، قال له ا الإسكندر: صدقت، ولأحسنن إلى الهند من أجلك، وأمر له بجوائز كثيرة، وأقطعه قطائع واسعة، فقال له الفيلسوف: لو أحببت المار لما أردت العلم، ولست أدخل على علمي ما يضاده وينافيه، واعلم أيها الملك أن القنية توجب الخدمة، ولسنا نجد عاقلا من خدم غير ذاته، واستعمل غير ما يصلح نفسه، والذي يصلح النفس الفلسفة، وهي صقالها وغذاؤها، وتناول اللذات الحيوانية وغيرها من الموجودات ضد لها، والحكمة سبيل إلى العلو، وسلم إليه، ومن عدم ذلك عدم القربة من بارئه، واعلم أيها الملك أن بالعدل ركب جميع العالم بجزئياته، ولايقوم بالجور، والعدل ميزان البارىء جل وعز، فكذلك حكمته مبرأة عن كل ميل وزلل، وأشبه الأشياء من أفعال الناس بأفعال بارئهم الإحسان إلى الناس، وقد ملكت أيها الملك بسيفك، وصولة ملكك، وتأتيك في أمورك، وانتظام سياستك أجسام رعيتك فتحر أن تملك قلوبهم بإحسانك إليهم، وإنصافك لهم، وعدلك فيهم، فهي خزانة سلطانك، فإنك إن قدرت أن تقول قدرت أن تفعل، فاحترز من أن تقول تأمن من أن تفعل، فالملك السعيد من تمت له رياسة أيامه، والملك الشقي من انقطعت عنه، فمن تحرى في سيرته العدل استنار قلبه بعذوبة الطهارة.قال المسعودي رحمه الله: وخلى الإسكندر عن الفيلسوف لإبائه المقام معه فلحق بأرضه، وللاسكندر مع هذا الفيلسوف مناظرات كثيرة في أنوع من العلوم، ومكاتبات، ومراسلات، جرت بين الإسكندر وبين كند ملك الهند، قد أتينا على مبسوطها والغرر من معانيها والزهر من عيونها في كتابنا أخبار الزمان.وأما القدح فامتحنه حين أدهقه بالماء، وأورد عليه الناس، فلم ينقص شربهم منه شيئا، وكان معمولا بضرب من خواص الهند والروحانية والطبائع التأمة والتوهم، وغير ذلك من العلم مما يدعيه الهند، وقد قيل: إنه كان لآدم أبي البشر عليه السلام بأرض سرنديب من بلاد الهند مبارك له فيه، فورث عنه، وتداولته الملوك، إلى أن انتهى إلى كند هذا الملك العظيم سلطانه، وما كان عليه من الحكمة، وقيل غير ذلك من الوجوه، مما قد أتينا على ذكره فيما سلف من كتبنا.وللطبيب معه أخبار ظريفة، ومناظرات عجيبة، في أوائل المعرفة وصنعة الطب وترقيه معه إلى مبسوط الصنعة من الطبيعيات وغيرها، أعرضنا عن ذكرها خوفا من الإطالة وميلا إلى الاختصار في هذا الكتاب لتعلق الكلام بالتوهم الذي تدعيه الهند في صنعة الطب وغيرها.وقد كان للاسكندر في أسفاره وتوسطه الممالك وقطعه الأقاليم ومشاهدته الأمم، وملاقاته الحكماء مع تنائي ديارهم، وبعد أوطانهم، واختلاف لغاتهم، وعجائب صورهم، وتباينهم في شيمهم وأخلاقهم أخبار كثيرة من حروب ومكايد وحيل وفنون من السير، وما أحدث من الأبنية، وقد أتينا على شرح ذلك فيما سلف من كتبنا مما سمينا، وغير ذلك مما عن وصفه أمسكنا، وإنما ذكرنا اليسير من أخباره، لئلا يعرى كتابنا هدا من شيء منها مع ذكرنا لمسيره ووفاته، وبالله التوفيق.

ذكر ملوك اليونانيين بعد الاسكندر

بطليموس

ثم ملك بعد الاسكندر الملك خليفته بطليموس وكان حكيما عالما سائسا مدبرا، وكان ملكه أربعين سنة، وقيل: بل كان ملكه عشرين سنة، وقد كان لهذا الملك وهو التالي لملك الاسكندر حروب مع بني إسرائيل وغيرهم من ملوك الشام.

اللعب بالبزاة والشواهين

Страница 133