للعصبيات، وعزوف عن وضر الدنيا وزخارفها كانوا أشبه بصمام الأمن بين شقي أمة محمد عليه السلام، حين كانوا بحكم طبيعة سلوكهم دعاة للتآخي والتراحم، عاملين بالكتاب والسنة.
ولكن الاتجاه للصوفي وحده لا يكفي لعلاج أسباب الفرقة وقتل الخلافات المذهبية. لأنه يعتمد أكثر ما يعتمد على الأساليب في علاج المشاكل التي أشعلها المستعمر ونفخ في أوراها بين الفريقين.
ومن ثم كان لابد لهذا الموثق من وثبة اصلاحية. ونهضة علمية تعالج اسباب الخلافا علاجا جذريا.
عند ذلك ينبري هذا العلمان من بين المعسكرين السني والشيعي في فترة من أحلك الفترات التي حدثناك عنها. وقد جاءا في عصر كان الفكر الاسلامي فيه أحوج ما يكون الى من يرأب هذا الصدع ويصلح هذا الخلل الذي تدخلت فيه كل هذه العوالم السالفة لهدم الوحدة الاسلامية. وكأن عناية الله سبحانه لهذه الأمة التي يقول عنها سيد الأنبياء: لم تعط أمة من اليقين ما أعطيت أمتي، أن يقيض هذين العاملين ليتربعها على عرش الفكر الأسلامي في مطلع هذا في وقت أحوج ما يكون فيه الأسلام لمن يدير أموره ويوحد صفوفه، ومن ثم كان هذا الكتاب الجليل لبنة متينة في التقريب بين شطري المسلمين، وازالة أسباب الخلافات المذهبية بينهما.
لقد تعرض الكتاب لعدة موضوعات لا يزال الشيعة يعتبرونها اصلا اصيلا في صلب مذهبهم في مقدمتها النص على الخلافة لعلي، وعصمة الأئمة من آل الزهراء وعلي عليهما سلام الله وبركاته، وما يراه اخوانهم أهل السنة من أن حتمية النص ليست ملزمة إلا في العبادات والا كان ذلك داعيا إلى تفسيق بعض الصحابة وهذا أمر جلل نهى عنه النبي صلى الله عليه وآله وسلم وحذر منه غاية التحذير وقد قال قالته المشهورة في نظام الحكم:
«أطيعوهم ما أقاموا الصلاة فيكم» كذلك ما يراه أهل السنة من ان العصمة اصطلاح لا يجوز اطلاقه إلا على السادة الأنبياء عليهم السلام.
كما تعرض الكتاب لأمور كثيرة التقى عندها الطرفان. منها مصادر التشريع من أحاديث النبي صلى الله عليه وآله وسلم. وقد أثبت العلامة السيد شرف الدين ان كوكبة المحدثين عند الشيعة وأسانيدهم مما هو موجود بنصه في مصادر الحديث عند السنة. وذلك وحده من اعظم الأسباب الداعية الى القضاء على العصبيات الفقهية، والخلافات بين الفريقين، ولا نكاد نجد بعد ذلك إلا خلافات فقهية
--- *** ز )
Страница 5