وبذلك دار قائد الكشافة وخرج على الفور من الحجرة.
انتظر جيمي لتبادل بضع كلمات ثم تبعه. وبمجرد خروجهما من المستشفى وعودتهما إلى الشارع مرة أخرى، رفع قائد الكشافة وجها محيرا. «إن لك باعا طويلا مع المستشفيات، أليس كذلك؟»
فصدق جيمي على كلامه.
فقال قائد الكشافة: «أجل، تبدو شخصا تنتمي للمستشفيات الآن، لكن ليس كما كنت تبدو حين رأيتك أول مرة. حين رأيتك أول مرة بدوت كأنك وحدك مستشفى. لكنك لا تبدو إلا كنصف مستشفى الآن. تبدو كأنك تنتمي إلى الحدائق بقدر ما تنتمي للمستشفيات. أعلم أنها ضرورية، لكن، يا للهول! أليست قاسية؟ كل شيء زلق جدا وهادئ للغاية وفي غاية النظافة، والكل يسيرون بحذر ويهمسون. لو كان لدي ثروة، لو كان معي تلال وأكوام من المال، كنت سأبني مستشفى تطل كل نوافذه على مضمار سباق حيث تستطيع أن تشاهد سباق خيل وسباق سيارات مرتين يوميا، وكنت سأضع فرقا موسيقية وأجهزة راديو وشاشات لعرض الأفلام. ويحي! إن المستشفيات الموجودة حاليا تصيبني بالمرض من دون أن تكون بي علة!»
ثم أمسك قائد الكشافة بيد جيمي على نحو مفاجئ ورفع إليه ناظريه. «لتخبرني، ما خطب السيدة كاميرون؟ ما الذي يجعلها تبكي كثيرا جدا، ولماذا تبدو كأنها في جنازة ولم يمت أحد، ولماذا لم تعد لولي إلى المنزل؟»
فقال جيمي: «لتسمعني، إنك تسألني أسئلة لا أملك لها إجابة. أولا: أنا لم أكن أعلم أن مارجريت كاميرون تبكي. ولم يخطر لي أنه يمكن لأي حدث أن ينتزع الدموع من عيني امرأة رابطة الجأش للغاية مثلها. وثانيا: ما أدراني أنا بأمر لولي؟»
فقال له قائد الكشافة: «حسنا، عرفت أنها تبكي كثيرا هذه الأيام لأني أجدها عند نهاية خط الترام حيث أنزل مع فتيان الكشافة لنلعب لعبة قاطعي الطريق في الوادي، ومغارة اللصوص في الجبال، ولنتعارك بالرمال على الشاطئ، ولنسبح. أجدها في المكان نفسه الذي أراها فيه كل مرة حين أمر، وفي كل مرة تقريبا رأيتها فيها مؤخرا كانت تمسح دموعها. قد يكون بكاء على سيد النحل، لكن لا جدوى من سكب دموعها في حين أنه من المحتمل أن يتحسن ويعود إلى المنزل. لو كانت على علم بأنه لن يعود أبدا، كنت سأتفهم. أعتقد أنها تبكي من أجل لولي لأنها على ما يبدو لم تعد إلى المنزل، وحيث إنها ليست في المنزل، فإن السيدة كاميرون لا تعلم بالطبع إن كانت مريضة أو بخير، وما دامت لا تعرف فلن يهدأ لها بال.»
سكت قائد الكشافة مستغرقا في التفكير لدقيقة ثم واصل كلامه وقال: «أعتقد أن ما قلته كان فيه بعض الحماقة. فإن لولي تعمل بالتدريس في إحدى المدارس، وهي بالطبع لا تستطيع أن تأتي إلى المنزل حين تكون في المدرسة تعمل، إلى أن تأتي الإجازة على الأقل. إن كانت الإجازة بدأت وكان باستطاعتها أن تأتي ولم تأت، فالأمر مختلف إذن، وعندئذ يصبح هناك سبب للحزن.»
للاستمرار في المحادثة لا غير؛ سأله جيمي: «هل لولي فتاة جميلة؟»
وبينما كان قائد الكشافة يسير متخبطا على الرصيف، متلفتا يمينا ويسارا، متفاديا المشاة، ومتفقدا أرقام العربات المارة واتجاهاتها؛ رد عليه قائلا: «حسنا! ربما تراها جميلة. إذا كنت تحب الشعر بلون حلوى الدبس والعينين نجلاوين وزرقاوين والوجنتين متوردتين وابتسامة الأطفال وكنت مثل الموجة في البحر لا تحسن التميز، بالقطع، عندئذ سترى لولي فتاة جميلة. لكن إن سألتني رأيي، فسأقول إنك إن أردت أن ترى فتاة جميلة، إن أردت أن ترى فتاة مخلصة وراقية وممتازة بحق، فلتلاحق مولي بناظريك.»
Неизвестная страница