وبينما كان جيمي يعمل، جاءت الدخيلة إلى الحديقة في جولة للمراقبة. كانت قد بدلت فستانها بآخر، خفيف وجذاب. وقد بدت بعد إزالة آثار السفر أشبه بكثير من الفتيات اللواتي يراهن جيمي كل يوم في كل مكان. المشكلة أنها بدت شديدة الشبه بهن لدرجة أنها لم تثر اهتمام جيمي. فلا بد أن تكون الفتاة غير عادية، مختلفة، يبدو عليها ولو أقل أمارة من أمارات التمتع بقلب كريم وثقافة رفيعة والاهتمام بالآخرين حتى تشد انتباه جيمي. لكن كان جليا أن هذه الفتاة تفكر في نفسها أكثر من أي شيء آخر. شاهدها جيمي وهي تتقدم نحوه في الممشى الخلفي وقد جعلتها أشعة الشمس واضحة المعالم فكان أول ما خطر له: «إنها تبدو قاسية».
ظل هو يواصل عمله. حتى صارت الفتاة على بعد بضع ياردات منه. فتوقفت وجعلت تتفحصه بإمعان.
ثم قالت: «لقد خطر لي أنه لا يوجد من الأشياء التي هنا ما قد يتدهور تدهورا كبيرا خلال الأيام القليلة التي سنحتاج إليها لترتيب الأوراق حتى أتمكن من الاستحواذ على أملاكي. لذلك أفضل أن تتركني في ملكي بلا منازع.»
نظر جيمي إلى الفتاة وابتسم، فكانت ابتسامته ساحرة، ابتسامة جذابة.
وسألها: «ألا تعتقدين أن طلبك ثقيل جدا على أي كائن ذي طبيعة بشرية؟ فقد ظللت أرعى هذا المكان مدة طويلة، وظللت بعض الوقت أعتقد أنه ملكي. وإنك لتتمتعين بثقة غير عادية إن كنت تعتقدين أنني سأرحل وأسلمك الأملاك المكتوبة باسمي في السجلات دون أن أرى أي دليل لديك، ومن دون أن أعلم إن كنت تستطيعين إثبات ادعاءاتك أمام المحكمة. فهل تنوين إن استحوذت على هذا المكان أن تعيشي هنا، وتجعلي منه منزلك؟»
أخذت الفتاة تنظر حولها. فقد أثار حنقها شك جيمي.
ثم سألته: «يبدو أنك شخص متخلف، أليس كذلك؟» وتابعت: «أعتقد أننا ابتعدنا نحو عشرين ميلا عن المحطة التي نزلت فيها حتى نصل هنا.»
فأجابها جيمي: «هذا صحيح. إنك تجيدين التخمين.» «ولماذا قد ترغب فتاة في أن تنعزل في مكان كهذا، ولديها الحق في الاستمتاع بحياتها؟ فإن أكثر ما أخاف منه هو النحل. وأكثر الأشياء التي أبغضها هو الجبل. وما أبغضه أكثر من الجبل هو البحر. وإن أكثر الأشياء التي لا أطيقها بضع ساعات متواصلة هو هذا الهدوء، هذا الهدوء المضجر المنفر. هل تقع أي أحداث على الإطلاق هنا؟»
فأجابها جيمي: «أجل ؛ فقد جئت بينما النحل قد بدأ يغير مسكنه. والثمار قد حان قطفها. والزرع لا بد من رشه. وهناك أعمال عزق وتنظيف وأعمال كثيرة، أكثر من أن يستطيع شخص واحد أن يؤديها بالإتقان الذي يجب إنجازها به.»
فقالت له الفتاة: «إنك بعبارة أخرى تقترح البقاء هنا ومراقبتي.»
Неизвестная страница