Введение в учение о хадисах Ибн Салаха
علوم الحديث
Исследователь
نور الدين عتر
Издатель
دار الفكر- سوريا
Место издания
دار الفكر المعاصر - بيروت
فَأَمَّا إِذَا كَانَ عَالِمًا عَارِفًا بِذَلِكَ، فَهَذَا مِمَّا اخْتَلَفَ فِيهِ السَّلَفُ، وَأَصْحَابُ الْحَدِيثِ، وَأَرْبَابُ الْفِقْهِ، وَالْأُصُولِ، فَجَوَّزَهُ أَكْثَرُهُمْ، وَلَمْ يُجَوِّزْهُ بَعْضُ الْمُحَدِّثِينَ، وَطَائِفَةٌ مِنَ الْفُقَهَاءِ، وَالْأُصُولِيِّينَ مِنَ الشَّافِعِيِّينَ، وَغَيْرِهِمْ.
وَمَنَعَهُ بَعْضُهُمْ فِي حَدِيثِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ، وَأَجَازَهُ فِي غَيْرِهِ.
وَالْأَصَحُّ: جَوَازُ ذَلِكَ فِي الْجَمِيعِ، إِذَا كَانَ عَالِمًا بِمَا وَصَفْنَاهُ قَاطِعًا بِأَنَّهُ أَدَّى مَعْنَى اللَّفْظِ الَّذِي بَلَغَهُ ; لِأَنَّ ذَلِكَ هُوَ الَّذِي تَشْهَدُ بِهِ أَحْوَالُ الصَّحَابَةِ، وَالسَّلَفِ الْأَوَّلِينَ، وَكَثِيرًا مَا كَانُوا يَنْقُلُونَ مَعْنًى وَاحِدًا فِي أَمْرٍ وَاحِدٍ بِأَلْفَاظٍ مُخْتَلِفَةٍ، وَمَا ذَلِكَ إِلَّا لِأَنَّ مُعَوَّلَهُمْ كَانَ عَلَى الْمَعْنَى دُونَ اللَّفْظِ.
ثُمَّ إِنَّ هَذَا الْخِلَافَ لَا نَرَاهُ جَارِيًا - وَلَا أَجْرَاهُ النَّاسُ فِيمَا نَعْلَمُ - فِيمَا تَضَمَّنَتْهُ بُطُونُ الْكُتُبِ، فَلَيْسَ لِأَحَدٍ أَنْ يُغَيِّرَ لَفْظَ شَيْءٍ مِنْ كِتَابٍ مُصَنَّفٍ، وَيُثْبِتَ بَدَلَهُ فِيهِ لَفْظًا آخَرَ بِمَعْنَاهُ، فَإِنَّ الرِّوَايَةَ بِالْمَعْنَى رَخَّصَ فِيهَا مَنْ رَخَّصَ، لِمَا كَانَ عَلَيْهِمْ فِي ضَبْطِ الْأَلْفَاظِ، وَالْجُمُودِ عَلَيْهَا مِنَ الْحَرَجِ وَالنَّصَبِ، وَذَلِكَ غَيْرُ مَوْجُودٍ فِيمَا اشْتَمَلَتْ عَلَيْهِ بُطُونُ الْأَوْرَاقِ، وَالْكُتُبِ، وَلِأَنَّهُ إِنْ مَلَكَ تَغْيِيرَ اللَّفْظِ، فَلَيْسَ يَمْلِكُ تَغْيِيرَ تَصْنِيفِ غَيْرِهِ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
1 / 214