Избранное в толковании Корана
المنتخب في تفسير القرآن الكريم
Жанры
80- فلما انقطع منهم الأمل، ويئسوا من قبول الرجاء، اختلوا بأنفسهم يتشاورون فى موقفهم من أبيهم، فلما انتهى الرأى إلى كبيرهم المدبر لشئونهم قال لهم: ما كان ينبغى أن تنسوا عهدكم الموثق بيمين الله لأبيكم أن تحافظوا على أخيكم حتى تردوه إليه، ولأنكم عاقدتموه من قبل على صيانة يوسف ثم ضيعتموه، ولذلك سأبقى بمصر لا أفارقها، إلا إذا فهم أبى الوضع على حقيقته، وسمح لى بالرجوع إليه، أو قضى الله لى بالرجوع الكريم، ويسره لى بسبب من الأسباب، وهو أعدل الحاكمين.
[12.81-84]
81- عودوا - أنتم - إلى أبيكم وقصوا له القصة، وقولوا له: إن يد ابنك امتدت إلى صواع الملك فسرقها وقد ضبطت فى حقيبته، وعوقب على ذلك باسترقاقه، وما أخبرناك إلا بما عايناه، وما كنا مطلعين على المستور من قضاء الله حين طلبناه وأعطيناك على حفظه ورده إليك العهود والمواثيق وهو أعدل الحاكمين.
82- وإن كنت فى شك مما بلغناك، فأرسل من يأتيك بشهادة أهل مصر واستشهد أنت بنفسك رفاقنا الذين عدنا معهم فى القافلة، لتظهر لك براءتنا، ونؤكد لك أننا صادقون فيما نقول.
83- فرجع بقية الأبناء إلى يعقوب، وخبروه كما وصاهم أخوهم الكبير فهيج الخبر أحزانه، وضاعف منها فقد ابنه الثانى، ولم تطب نفسه ببراءتهم من التسبب فى ضياعه وهو المفجوع بما صنعوا من قبل فى يوسف، وصرح باتهامهم قائلا لهم: ما سلمت نيتكم فى المحافظة على ابنى، ولكن زينت لكم نفوسكم أن تخلصتم منه مثلما تخلصتم من أخيه، فلولا فتواكم وحكمكم أن يؤخذ السارق رقيقا عقوبة له على السرقة، ما أخذ العزيز ابنى، ولا تخلف أخوكم الكبير بمصر، ولا حيلة لى إلا أن أتجمل فى مصيبتى بالعزاء الحميد، راجيا أن يرد الله على جميع أبنائى، فهو صاحب العلم المحيط بحالى وحالهم، وله الحكمة البالغة، فيما يصنع لى ويدبر.
84- وضاق بما قالوا فأعرض عنهم خاليا بنفسه، مشغولا بأساه وأسفه على فقد يوسف، فذهب سواد عينيه من شدة الحزن، وقد كظم غيظه وألمه أشد الكظم.
[12.85-89]
85- وتوالت الأيام ويعقوب مسترسل فى لوعته، وخشى أبناؤه سوء العاقبة، فاتجهوا إلى مراجعته وحمله على التخفيف من شدة حزنه، وقالوا له - وهم بين الإشفاق عليه والغيظ من دوام ذكره ليوسف -: لئن لم تخفف عن نفسك لتزيدن ذكرى يوسف آلامك وأوجاعك، إلى أن يذيبك الغم فتشرف على الموت، أو تصبح فى عداد الميتين.
86- ولم يؤثر قولهم فيه، فردهم قائلا: ما شكوت لكم، ولا طلبت منكم تخفيف لوعتى، وليس لى إلا الله أضرع إليه وأشكو له همومى صعبها وسهلها، وما أستطيع كتمانه منها وما لا أستطيع، لأنى أدرك من حسن صنعه وسعة رحمته ما لا تدركون.
87- والثقة فى الله تحيى الأمل ولذلك لم يذهب الغم برجاء يعقوب فى عودة ولديه إليه، وألقى فى روعه أنهما من الأحياء، وأن موعد التقائه بهما قد حان، فأمر بنيه أن ينقبوا عنهما، قائلا لهم: يا بنى ارجعوا إلى مصر فانضموا إلى أخيكم الكبير، وابحثوا عن يوسف وأخيه وتطلبوا أخبارهما فى رفق لا يشعر به الناس، ولا تقنطوا من أن يرحمنا الله بردهما، لأنه لا يقنط من رحمة الله غير الجاحدين.
Неизвестная страница