منها على أقل من ثلاثة أحرف: فاء، وعين، ولام، و"أنا، وأنت، وإياك" بمنزلة الكاف في "ضربتُكَ" والياء في "مررت بي"؛ لأنها مضمرة مثلها.
وحُكِيَ عن بعضهم أنه سُئل عن قول الله تعالى: ﴿إِيَّاكَ نَعْبُدُ﴾، ما معنى "إياك"؟ فقال: معناه حقيقتك، قال: واشتقاقه من "الآية" وهي العلامة التي تدل على حقيقة الشيء، فيجب على هذا القول أن تكون "إيا" فِعْلا، أو فِعِّلا، أو فِعْلَلا من الآية، وأن تكون الألف في آخرها إنما انقلبت عن الياء إن كانت لاما، أو تكون زائدة إن كانت فِعْلا.
وهذا قول ساقط ليس مما يُتشاغَل بمثله؛ لأن "إياك" بمنزلة الكاف في "رأيتُك" في أنها اسم مضمر مثله. فيجب أن يكون غير مشتق، كما أن: "الكاف، وأنتَ" كذلك.
وأرى أن القائل بهذا القول إنما شجّعه عليه ما حُكي عن الخليل من أنه قال: إن "إيا" اسم ظاهر خُص به المضمر. فلما سمع١ أنه ظاهر، جعله مشتقا وأخرجه عن باب المضمرات وصرّفه.
وقد دل أبو علي على أن "إياك" اسم مضمر. قال: لأنه خُص بالنصب كما خُص "أنا، وأنت"٢ بالرفع. فكما أن "أنا، وأنت"٢ مضمران بلا إشكال، فكذلك "إياك" ولو كان اسما ظاهرا لما اقتُصر به على النصب ولدخله الإعراب كله، وليس ظرفا، فيلزم النصب كما لزمته "سوَى، وبُعَيدات بَيْنٍ"، ونحوهما من الظروف التي لم تستعمل إلا ظروفا، ولا