ويضيف:
"ولم يكن هذا الوباء كما عهد في إقليم دون إقليم، بل لمَّ أقاليم الأرض شرقًا وغربًا وشمالًا وجنوبًا، جميع أجناس بني آدم وغيرهم حتى حيتان البحر وطير السماء ووحش البر. . . ".
. . . ويستطرد بقوله عن بغداد التي عاش فيها الأدمي:
". . . ثم وقع ببغداد أيضًا، فكان الإِنسان يصبح وقد وجد بوجهه طلوعًا فما هو إلَّا أن يمد يده على موضع الطلوع فيموت في الوقت". وذكر مثل ذلك ابن الوردي في تاريخه وقد أشار إليه شعرًا:
ماذا الذي يصنعُ الطاعونُ في بلد ... في كلِّ يومٍ لهُ بالظلمِ طاعون
وقد مات ابن الوردي بطاعون حلب في ١٧ ذي الحجة ٧٤٩ هـ (١).
والخلاصة: أن هذا الوباء يفسر لنا غموض تاريخ تلك الفترة، فلعل الأدمي ﵀ ممن مات بسببه. كما شهدت هذه الفترة أيضًا نزاعات سياسية وحروب وتبدل سلاطين وأمراء وقواد كما يظهر ذلك في حوادثها في تاريخ الذهبي وغيره (٢). وقد سبقها ظهور أكبر فتنة في العالم الإِسلامي وهي فتنة المغول الذين خرجوا حوالي سنة ٦٥٤ هـ واستمروا إلى دخول بغداد بقيادة الطاغية هولاكو سنة ٦٥٦ هـ، قال الذهبي (٣):
_________
(١) زين الدين عمر بن مظفر الشهير بابن الوردي، "تاريخ ابن الوردي" (١/ ٤٩)، ١٩٦٩ م، المطبعة الحيديرية - النجف.
(٢) الإِمام الحافظ شمس الدين الذهبي، "كتاب دول الإِسلام" (٧٤٣ - ٧٤٨)، تحقيق فهيم شلتوت، محمد مصطفى إبراهيم، ١٩٧٤ م، الهيئة المصرية العامة للكتاب، انظر: الجزء الأول، ص ٢٤٥ - ٢٥١.
(٣) المصدر السابق، ص ١٥٨ - ١٦٠، يشير الإمام الذهبي ﵀ إلى سبب دخولهم بقوله: أشار الوزير ابن العلقمي الرافضي على الخليفة المستعصم باللَّه =
1 / 48