لا شك في أنه يعني - رحمه الله - من انتزعوا سلطانه البطريركي - والله أعلم - ويوصي أن يدفن في مقبرة البطاركة بالديمان، وأن تؤخذ النفقة من ماله الخاص.
هذا أول بطريرك ذي مال.
أغنى البطركية المارونية في حياته، ومولها بعد مماته لتصنع خيرا.
كان - رحمه الله - عدو التقاليد البالية، ديمقراطيا إلى أبعد الحدود، لا يبالي بما رسمه له السلف، فكان يروح ويجيء غير مبال بالتقاليد البطريركية، لا يعنيه إلا أن يكون ربه راضيا عنه، ولو كان أنطون يعتقد أنه يرتكب إثما بعصيانه؛ دفاعا عن استقلال طائفته؛ لكان خضع وانتهى كل شيء.
ترى من يعد المطران طوبيا عون، سلف المطران يوسف الدبس، عاصيا؛ لأنه لم يرفع تمثال القديس يوسف في الكنيسة، وظل في أحد الأقبية حتى أيقظه المطران الدبس؟
وهل نعد جدي عاصيا لأنه احتج على عيد قلب يسوع وقال: «اليوم نعيد لقلبه، وبعد حين نعيد ليده ورأسه؟» ثم مات ولم يعيد إلا ليسوع كله.
لعل رومية تريد أن تحقق قول الإنجيل، فنكون رعية لراع واحد، ولكن الرعية لا تعرف غير صوت راعيها، نرعى أنفسنا في حقل قانون الإيمان.
الموارنة حجر من حجار الكنيسة البطرسية، وإذا كانوا يريدون أن ينحتوا هذا الحجر نحتا لاتينيا، فقد فات الأوان، والموارنة أبناء الجيل العشرين لا يرضون أن يكونوا أقل استقلالا من أبناء القرون الأولى.
واعجباه! يقول المسلمون: «كلكم راع وكلكم مسئول.» والدول الكبرى أعطت الشعوب الصغيرة حق تقرير مصيرها، فما بال رومية تحاول أن تنتزع استقلال الموارنة؟
لقد صارع الآباء البطاركة القدماء في كل حين حتى يصونوا دستورهم، ولا تنعدم شخصيتهم الشرقية في بحر الكنيسة اللاتينية.
Неизвестная страница