أنا - يا عزيزي - لا أرى في مار مارون ومار يوحنا مارون غير زعيمين قوميين ناضلا كغيرهما تحت علم الله؛ لأن الناس كانوا على ذلك في أيامهما.
أما والدي فلم يسمني مارون - مارون ممنوع من الصرف - حتى لا يمكنني الهرب من مارونيتي كما قلت؛ فوالدي أولا: لم يكن نبيا ولا عرافا لكي يدري ما سيكون ابنه ويقوم عليه ويسد الطريق.
وثانيا: كانت التسمية في بيتنا من خصائص جدي، فعلى والدي أن يخلف، وعلى جدي أن يسمي. كانت طريقة جدي في التسمية طائفية بحتة؛ فكلما رزق والدي ابنا أو بنتا كان يطلق علينا حين يعمدنا اسم قديس ذلك اليوم، فسمى مارون وأيوب ودانيال وبرلام وصليبا. ولدت أنا يوم عيد مار مارون الذي يرتل الموارنة فيه: مار مارون فخر سوريا. سماني جدي مارون، فسميت أنا بدوري أحد أولادي محمدا في بلد زادت أسماء الأبناء تعصبا وتفريقا، ناهيك أنني أعتقد - من كل قلبي وفكري - برسالة محمد، وأقدس شخصيته المثلى ومبادئه وأخلاقه الفاضلة. كنت أظن أن سيشايعني الكثيرون، فكان الأمر بخلاف ما ظننت، وأنا غير آسف على شيء. يسرني أن أرى شبح الطائفية وتقاليدها البالية يتلاشى كما تلاشى شبح صموئيل أمام عيني شاول وعرافة عين دور.
مارون عبود
منذ سنوات وأنا أحمل على كتفي أثقال هذا الاسم، ومنذ سنوات وأنا ساكت.
اليوم، نعم في هذا اليوم، تناولت رسالة من ظريف لطيف يقول لي:
قرأت في جريدة الحياة، العدد 2597، تاريخ 22 / 10، الصفحة 8، ما يل:
إميل مارون عبود رسام له من العمر 25 عاما، درس أصول الفن في الأرجنتين مدة ثلاث سنوات، وكانت باكورة إنتاجه لوحة زيتية للرئيسة إيفا بيرون في إطار أبرز فيه بعض مناظر لبنان إلخ ... إنني أهنئك بهذا الشاب، كما تعجبت في الوقت نفسه من عدم معرفتي له، وقلت : كيف خبأ عنا صاحبنا مارون هذا الولد؟ أنا أعرف أولادك الصبيان ثلاثتهم، ولا علم لي أن لك ولدا بهذا الاسم، وفي الأرجنتين؛ فهل أنت متزوج أكثر من مرة؟
وفي المكتوب كثير من المداعبة الخفيفة، ولكنها لا تناسب لأذكرها كلها ...
أما الجواب عن السؤال الأخير الذي وجهه إلى صاحبي: فهو أنني تزوجت مرة واحدة غير كاملة، فلي ربع قرن وأنا مخالف المثل القائل: «أعزب دهر ولا أرمل شهر.» وإني أرجو صديقتي جريدة «الحياة» أن تصحح هذا الخطأ، أو تجلو هذا الصواب، فأنا أفتخر بأن يعزى إلي ولد نابغة في الرسم؛ لأني أحب التصوير، والشهود جدران بيتي.
Неизвестная страница