وقدم ابن ميادة، وأسمه الرماح بن أبرد المري المدينة زائرًا لعبد الواحد بن سليمان وهو أميرها، وكان عبد الواحد جوادًا. وفيه يقول بعضهم.
ما كان بين وعده وعطائه ... إلا كواو العطف [بين الكلام]
وكان ابن ميادة ليلة عنده سمره، فقال عبد الواحد لأصحابه: إني أهم أن أتزوج، أفلا تبغوني أيما؟ فقال له الرماح: أنا أدلك - أصلحك الله - فقال وعلى من يا أبا الشرحيل؟. قال: قدمت عليك - أصلحك الله - فلما دخلت مسجدكم إذا أشبه شيء به وبمن فيه الجنة وأهلها، فو الله بينما أنا أمشي فيه إذ قادتني رائحة عطر رجل حتى وقعت عليه، فلما وقعت عيني عليه استباني حسنه، فما أقلعت عنه، فما زال يتكلم كأنما يتلو زبورا، أو يدرس إنجيلا أو يقرأ قرآنا حتى سكت، فلولا معرفتي بالأمير ما شككت أنه هو خرج من داره إلى مصلاه فسألت من هو؟، فأخبرت أنه بين الحيين للخليفتين، قد نالته ولادة من رسول الله ﷺ، لها ساطع من غرته في ذؤابته. نعم حشو الرجل وابن العشيرة. إن اجتمعت أنت وهو على ولد ساد العباد، وجاب وجوه البلاد. قال: فلما قضى ابن ميادة كلامه قال عبد الواحد ومن حضر: ذلك محمد بن عبد الله بن عمرو بن عثمان، أمه فاطمة بنت الحسين بن علي ﵃. فقال ابن ميادة: هم
لهم نبرة لم يعطها الله غيرهم ... وكم عطاء الله فضل مقسم
هذا محمد بن عبد الله بن عمرو الديباج أخو عبد الله بن حسن بن حسن لأمه، وقتله أبو جعفر، وجلده بالسياط حتى فقأ عينيه، ومات بقطع رأسه ووجه إلى شيعته بخرسان، وذلك بعد خروج محمد بن عبد الله بن حسن، وكتب إليهم (وجهت إليكم برأس محمد بن عبد الله بن فاطمة بنت رسول الله ﷺ يوهمهم بذلك أنه رأس المهدي، ثم قتل
المهدي بعد.
وكان حسن بن حسن خطب إلى عمه الحسين بن علي فقال له: يا ابن أخي قد انتظرت هذا منك انطلق معي، فأدخله منزله، واخرج له ابنتيه فاطمة وسكينة وقال: اختر فاختار فاطمة، فزوجه إياها، فكان يقال إن امرأة مكنته من دولتها لمنقطة الحسن. فلما حضرت الحسن الوفاة قال:
1 / 18