ألم تر أنني جاورت كعبًا ... وكان جوار بعض القوم غيا
فأبلوني بليتكم لعلي ... أصالحكم وأستدرج نويا
يريد نواى، فلما سمع بذلك هلال أمر بنيه فأخرجوه إلى نادى قومه فقال: ولا والذي يحلف به لا يبقى غلام شهد ابن أبى دؤاد حتى يرضى، فمشوا إلى ابن أبى دؤاد فأعطوه حتى رضي. وكان هلال قال له: احتكم حكم الصبي على أهله - وحكم الصبي أن يطلب ما لا يوجد. قال الشاعر:
ولا تحكما حكم الصبي فإنه ... كثير على ظهر الطريق مجاهله
وكان أبو سفيان بن حرب إذا نزل به جار قال: يا هذا إنك قد اخترتني جارًا واخترت دارى دارا، فجناية يدك على دونك، وأن جنت عليك يد فاحتكم علي حكم الصبي على أهله.
والعرب تضرب المثل في الجود فتقول: أجود من كعب. وهو كعب بن مامة الإيادي، وكان من جوده أنه خرج في ركب منهم رجل من النمر بن قاسط: فضلوا، فتصافنوا مالهم أي اقتسموه بالحصاة، فجعل النمري يشرب نصيبه فإذا أصاب كعبا نصيبه قال: أعط أخاك النمري يصطبح فيؤثره حتى أضر به العطش، فلما رأى ذلك استحث راحلته وبادر حين رفعت له أعلام الماء فقيل: رد كعب إنك وراد
فغلبه العطش، ولم يقدر على النهوض، فلما رأوا ذلك خيلوا عليه بثوث يمنعه من السبع أن يأكله، فمات هناك. فقال مامة يبكيه:
ما كان من سؤدد أسقي على ظلما ... خمرًا بماءٍ إذا ناجودها بردا
1 / 38